فتحي بك بما يقولون من ان أحد العمال بمطبعة الأهرام غيّر مرة في برنامج الإذاعة كلمة (يقرؤها فتحي بك) فجعلها (يغردها) ولم أكن أصدق هذا وكنت أرجح أن (يغردها) في أصل البرنامج، ولكني اقتنعت أمس بأنها فعلة ذلك العامل لأني وجدت فتحي بك لا يغرد وإنما يقرأ كما يقرأ الطالب في كتاب المطالعة بفارق واحد وهو أن فتحي بك قليل الخطأ في ضبط الكلمات. . ولكن لم اختار (نائح الطلح) وهو الطائر الذي ينوح في وادي الطلح؟ ألأن الطيور على أشكالها تقع؟
أعود من هذا الاستطراد إلى برنامج الحفل. غنى أحد الشبان أغنية (أنا أنطونيو) فأجاب وأطرب، ثم عرض مشهد من مسرحية (كليوباترا) لشوقي، مثله ثلاثة من الخريجين: آنسة وشابان أحدهما السيد حسن ابن المرحوم السيد مصطفى لطفي المنفلوطي، وقد أحسنوا أداء أدوارهم، وبرعت الآنسة وهي تمثل مناجاة كليوباترا لنفسها في المعبد بعد هزيمة جيوشها، إذ كانت تؤدي الشعر بنبرات تمثل معانيه أحسن تمثيل. وقد ألقى أحد الشبان قصيدة تدل على أنه مبتدئ في معالجة القريض، ولكن كان لابد منها لتنويع هذا يقتضي كلمة دراسية في شوقي وشعره، ولكن النادي لخريجي قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب. وما يعرفونه عن شوقي قليل جداً بالنسبة لما يعرفونه عن شكسبير مثلاً!!!
ولا تذهب في هذا العجب. . . فقد قلت إنه جهد الوفاء ذو المعنى الكبير وإن كان قليلاً. وأكثر الله خيرهم على كل حال. . .
سجع الزعماء:
قرأت في مجلة (المصور) للكاتب الفكه الذي يطلق على نفسه (الملحوس) ما يلي: (من أضحك الأشياء ادعاها إلى السخرية في هذا البلد ذلك الأسلوب (المسخرة) الذي تحرر به الأحزاب والزعماء والقادة ببياناتهم الكبرى الخطيرة للشعب وللأمة. . . ذلك السجع الممقوت الكريه الثقيل الذي يملأ أعمدة وصفحات كاملة بأسرها في الجرائد!).
ومفهوم أن النثر العصري من كتابة وخطابة قد تحرر من السجع أو من التزامه، فقد يأتي بعض الكتاب بشيء منه لاقتضاء حال من تهكم أو دعابة وقد يجري به القلم لاتساق لفظ وانسجام جرس. وكل هذا بعيد كل البعد عن ما كان في العصور المتأخرة من التكلف الممقوت.