ولكن في السنوات الأخيرة جنح بعض الزعماء السياسيين إلى السجع وطول النفس فيه في خطبهم وكتاباتهم؛ ويبدو لي أن ذلك يرجع إلى ما يريدون أن يظهروا به من القدرة البيانية وما يرمون إليه من التأثير في نفوس الجماهير. . والحق أن كثيراً من هذا السجع محكم مجوَّد، ولكنه على أي حال ترقيش وتزويق في الكلام، يساير التهريج في السياسة، بل هو من أدواته. . والعمل الصالح كالجمال الطبيعي لا يحتاج إلى الأصباغ والأدهان!
أو كما قال (الملحوس) إن هذا السجع (موضة) بطلت، كما بطلت تلك الزعامات، وصار روح العصر شيئاً آخر. .
التعليم الجامعي والأدب:
كان موضوع المناقشة في (ندوة الهلال) هذا الشهر: (هل أخفق التعليم الجامعي؟) وانتهت المناقشة إلى (أن جامعتنا استطاعت أن تخرج فنيين ممتازين في مختلف ميادين الحياة. كما نجحت في تزويد المجتمع بخريجات كان لهن أثر كبير في تطور النهضة النسائية، ولكنها أخفقت في خلق الروح الجامعية في نفوس الطلبة، وأهملت في تربية نزعة الاستقلال في التفكير وحب الكشف والابتكار في خريجيها. ولم تعن بالنواحي الرياضية وتحبيب الطلبة في الدراسة الجامعية).
وقد لمست المناقش الناحية الأدبية لمساً خفيفاً، وذلك أن الأستاذ شفيق غربال بك لما سئل: هل أضافت الجامعة جديداً إلى الإنتاج العلمي والأدبي؟ أجاب:(إن الجامعة لا زالت في المهد بالنسبة لغيرها من الجامعات الأجنبية، ولكني أعتقد أن هناك تجديداً وإضافات في النواحي الأدبية، وأظن أن الكرداني بك يوافقني على هذا أيضاً في الناحية العلمية) فرد الكرداني بك (هل تعني أن الجامعة خرجت علماء لهم في ميادين الاكتشافات والاختراعات جولات؟) فقال شفيق بك: (لا. . إنني أقصد أن الجامعة خرجت (فنيين) ممتازين في كل الميادين. ولكنني لم أتكلم عن (العلماء).
ولا أدري أيقصد شفيق بك بهذا التفسير الناحيتين العلمية والأدبية، أم يخص به الناحية العلمية؟ على أن الخلاصة التي انتهى إليها النقاش تعمم هذا الحكم كما رأيت.
والذي نراه أن الجامعة - بعد الطبقة التي خرجتها الجامعة القديمة والتي رأسها الدكتور طه حسين - لم تخرج مبتكرين في الأدب، ولم ينتظم سلك إعلام الأدباء أحد خريجيها بعد،