(بسطت) رجلا في الشام ومصر فقد سررته، وإذا (بسطته) في العراق فقد ضربته، والمبسوط المضروب (علقة)، وهي في الشام (فلقة)، والتقليع في الشام الطرد من الدار ونحوها وفي مصر نزع الثياب وأن التقفيل في مصر إغلاق الباب وله في الشام معنى هو اخبث من أن يشار إليه، و (هون) في الشام هنا، وفي العراق (هنانا)، والهون في مصر هو الهاوون الذي يدق به واسمه في الشام الهاون، هذا عدا الكنايات السائرة المجازاة المشتهرة، وهي كثيرة في كل بلد لا يعرفها إلا أهله يلحنون بها في أحاديثهم، ويسخرون بها من الغريب، وعدا عن اختلاف النطق وما ينشأ عنه من اختلاف المعنى، فمن المصريين من يميل بالسين إلى مخرج الزاي، ومن هنا سارت النكتة في دمشق عن مدرس مصري جئ به إلى مدرسة بنات، فقال لإحداهن مؤنباً:
- إيه الأسباب التي منعتك من إعداد الدرس؟
وفي العراق يجعلون القاف جيماً معطشة، وقد سالت حوذياً يوم وصلت بغداد، أن يخذني إلى ضاحية نزهة، فقال:
تروح باب شرجي؟
فكدت أبطش به، وما يريد إلا (الباب الشرقي) وهو من متنزهات بغداد.
وليس يجئ هذا الترجمان إلا من مدرسة، فلا بد لنا إن أقر المجمع اللغوي هذا الاقتراح من أن ندرس هذه اللغات الشرقية الحية في مدارسنا الثانوية، وننشئ لها قسماً في كليه الآداب، أو أقساماً لأن اللسان الشامي سيكون فيه لغات متعددات، فلغة دمشق ليست لغة حلب، وهي تخالفها في معاني المفردات، وفي تركيب الجمل، وفي طريق النطق، ولغة حلب غير لغة حمص، ولغة حمص غير لغة حماة، وكلها تخالف لغة دير الزور، وهذه تخالف لغة البادية، فصار عندنا في الشام لغات في كل منها لهجات، ولهجة هؤلاء ليست لهجة جبل القلمون، وفي القلمون عشرون لهجة تختلف اختلافا بيناً، وفي كل منها شعر. . . وأدب. . . أي والله وموسيقى وقس على ذلك السنة لبنان وفلسطين والعراق ومصر والسودان والحجاز واليمن وطرابلس وتونس والجزائر ومراكش، واجمع هذه الألسنة بما فيها من اللغات واللهجات، تجدها تحتاج إلى عشرة أساتذة لهم كراسي في الجامعة، وتحتمل عشرة دبلومات، يكتب صاحبها على بطاقته (فلان، دبلوم اللغات العراقية) أو (دبلوم اللهجات