للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شئ غير ذلك. والإسلام يقدر أن فرض العشور قد ينقص من واردات بلاد المسلمين فيضارون ولذلك رأى أن لا يزيد أخذ العشور من كل قادم بالتجارة على مرة واحدة في كل سنة ولو تكرر قدومه إلا أن يقع التراضي على غير ذلك.

٦ - والشريعة الإسلامية مع تدقيقها في استيداء حقوقها المالية على الأفراد، تحفل بضمائرهم، وتدعو ولي الأمر إلى الثقة بهم:

فليس لوالي الصدقات أن يسأل أو يبحث عن شئ ليس تحت نظره، وإنما عليه أن يأخذ مما يجد، مما تجب فيه الصدقة.

ويلزم رب المال فيما بينه وبين الله سبحانه بإخراج ما أسقطه من أصل الزكاة أو ما تركه الوالي من زيادة.

٧ - والإسلام لا يجب أن يجد السلطان باسم الشرع ذريعة لإغرام أي فرد مالاً بغير حق، فيقول الرسول صراحة: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام)، فعلم أنه لا يحل إغرام مسلم شيئاً بغير نقص صحيح.

٨ - والإسلام يصون لمستحقي الزكاة كرامتهم وإنسانيتهم ويأبى أن تذل نفوسهم، فهو يرغب في صدقة السر، ويقرر بطلان الصدقات التي يعقبها المن والأذى، يقول تعالى في الصدقات (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم)، ويقول سبحانه: (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى)، ويقول نبي الإسلام: (لا يقبل الله صدقة منان).

وهو فضلاً عن هذا يعتبر من يأخذ الزكاة صاحب حق في مال الغني، وصاحب الحق إذا تقاضى حقه تقاضاه غير مغض نظره ولا حانياً عوده؛ قال تعالى: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم).

٩ - الشريعة تعين للزكاة مصرفاً يجمع سائر الأبواب التي يتعين الإنفاق فيها لصالح الفرد والجماعة والدولة والدين، والتي يستريح للإنفاق فيها ضمير المزكي. قال تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل).

وهذه الأبواب جميعاً ظاهرة الحكمة، وفيها تكافل وتعاطف ناصعان، وفيها تأييد عملي حازم لمبادئ الحرية والإخاء والمساواة، وفيها رفق عال وتقدير للمجاهدين وحفظ لمجد الدولة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>