وكلام الأستاذ خلف الله افتراء على الأستاذ الإمام يكذبه قول الإمام ومنهجه الذي اختطه لنفسه في صراحة لا شية فيها ولا اختلاط؛ ونورد هنا نص عبارة المنار وهي على أتم وضوح ليتبين للناس مقدار تهجم الأستاذ خلف الله على العلم وعلى رجال العلم ولنبين له كيف أراد أن يلبس على الناس بأقواله في مقاله ويقول ما ليس بحق.
قال في المنار عند تفسير قوله تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء): تمهيد للقصة ومذهب الخلف والسلف في المتشابهات: أن أمر الخلقة وكيفية التكوين من الشئون الإلهية التي يعز الوقوف عليها كما هي وقد قص الله علينا في هذه الآيات خبر النشأة الإنسانية على نحو ما يؤثر عن أهل الكتاب من قبلنا ومثل لنا المعاني في صور محسوسة وأبرز لنا الحكم والأسرار بأسلوب المناظرة والحوار كما هي سنته في مناظرة الخلق وبيان الحق وقد ذهب الأستاذ إلى أن هذه الآيات من المتشابهات التي لا يمكن حملها على ظاهرها لأنها بحسب قانون التخاطب إما استشارة وذلك محال على الله تعالى وإما إخبار منه سبحانه للملائكة واعتراض منهم ومحاجة وجدال وذلك لا يليق بالله تعالى أيضاً ولا بملائكته ولا يجامع ما جاء به الدين من وصف الملائكة بكونهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وقد أورد الأستاذ (يعني محمد عبده) مقدمة تمهيدية لفهم القصة فقال، ما مثاله: أجمعت الأمة الإسلامية على أن الله تعالى منزه عن مشابهة المخلوقات وقد قام البرهان العقلي والبرهان النقلي على هذه العقيدة فكانت هي الأصل المحكم الاعتقاد الذي يجب أن يرد إليه غيره وهو التنزيه فإذا جاء في نصوص الكتاب أو السنة شئ ينافي ظاهره التنزيه فللمسلمين فيه طريقتان أحدهما طريقة السلف وهي التنزيه الذي أيد العمل فيه النقل كقوله تعالى ليس كمثله شئ وقوله عز وجل سبحان ربك رب العزة عما يصفون وتقويض الأمر إلى الله تعالى في فهم حقيقة ذلك مع العلم بأن الله يعلمنا بمضمون كلامه ما نستفيد به في أخلاقنا وأعمالنا وأحوالنا ويأتينا في ذلك بما يقرب المعاني من عقولنا ويصورها لمخيلتنا والثانية طريقة الخلف وهي التأويل يقولون: إن قواعد الدين الإسلامي وضعت على أساس العقل فلا يخرج شئ منها عن المعقول فإذا جزم العقل بشيء وورد في النقل خلافه يكون الحكم العقلي القاطع قرينة على أن النقل لا يراد به ظاهره ولابد من معنى موافق يحمل عليه فينبغي طلبه بالتأويل: