ومن الحق أيضاً أنه (لم يبق في مكان التمثال المحطم إلا أشلاؤه المتناثرة) فلم يملأ أحد مكان شوقي. وما ذلك - كما أرى - إلا لأن الذين ساروا في مذهبه تنقصهم أدواته، كما ينقصهم عصره، فقد صرنا إلى عصر غيره يتطلب جديداً، والفلك دوار. . ولأن الذي سلكوا غير مسلكه ينقص المجيد منهم الماء الذي يجعل العود أخضر. . . وكثيراً منهم يخبطون ويعتسفون.
الفن القصصي في القرآن:
كان لما بيناه من أمر رسالة (الفن القصصي في القرآن) التي قدمها الأستاذ محمد أحمد خلف الله للحصول على الدكتوراه من كلية الآداب - صدى كبير وخاصة في البيئات الدينية الإسلامية، لاحتوائها على ما يعد نفياً للصدق التاريخي في القرآن الكريم. وقد تلقينا كثيراً من الرسائل في هذا الموضوع، منها رسالة من (جبهة علماء الأزهر) مصحوبة بمذكرة مرفوعة إلى (حضرة صاحب الجلالة الملك ورجال دولته الأكرمين) وقد وقع عليها رئيس الجبهة الشيخ محمد الشربيني والأمين العام لها الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني، وقد جاء في هذه المذكرة (ولقد مضى على نشر هذا النبأ وقت يسمح بتكذيبه لو كان كاذباً، لكن أحداً لم يكذبه، لا المؤلف ولا المشرف عليه، ولا عمادة كلية الآداب التي جاء في الخبر أنها تنتظر بالرسالة حتى ينعقد مجلس الكلية؛ وذلك يدلنا على أن الأمر خطير يجب الإسراع بعلاجه لأنه وباء جديد أشد فتكاً وأفظع أثراً من وباء الكوليرا في هذه الأيام فإنه يجني على الأرواح لا على الأشباح ويصيب الأمة في دينها وهو أعز عليها من حياتها)
وقد أرسل مقدم الرسالة إلى صحيفة (الإخوان المسلمون) يقول إنه مستعد لأن يشعل النار بيديه في رسالته على مشهد من الأساتذة والطلاب إن ثبت أن فيها ما يخالف الدين الذي استمدت أصوله من القرآن، ومستعد لمساجلة الأستاذ أحمد أمين بك على صفحات مجلة الرسالة التي نشرت تقريره. ولكن الإخوان عقبت على ذلك بقولها:(إذا ثبت أن ما نقل من فقرات عن رسالة (الفن القصصي في القرآن الكريم) قد ورد فيها كما نقل، فلا يكفي أن يحرقها مؤلفها بيديه أو بيدي غيره على مرأى ومشهد الأساتذة والطلاب، بل لابد أولاً أن يعلن رجوعه إلى الإسلام، وأن يحدد عقد نكاحه على زوجته إن كان متزوجاً) وقالت له إن حرق الرسالة لا ينفع (بل يجب قبل ذلك أن تحرق الشيطان الذي ملأ نفسك بهذا الهذيان