للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال اعلم أن الله على كل شئ قدير) كان موضوعها البعث وأنها تجسم عملية الإحياء بعد الإماتة وتمثيلها للناس على أنها قد وقعت. تبين لنا أن الشبهة قد دخلت على أولئك من الباب الذي دخلت منه على هؤلاء.

ومعنى ذلك أن هيكل القصة لا ما فيها من توجيهات دينية كان العامل القوي في الذهاب إلى هذا القول من أولئك وهؤلاء.

ومن الصدف الغريبة ان المحدثين من المفسرين يرون أن هذه القصة الأخيرة قصة الذي مر على قرية وهي خاوية قد يكون القصد منها التمثيل. فقد جاء في المنار ج٣ ص٤٩ بعد تفسيره لتلك القصة ما يأتي (ويحتمل أن تكون القصة من قبيل التمثيل).

إن الأمر كما قلت في مقالي السابق يحتاج إلى النظرة الدقيقة الفاحصة. نظرة العلماء الذين يقفون على أسرار الصناعة الأدبية ويفقهون المسائل القرآنية ويواجهون الحقائق مواجهة العلماء. أما أولئك الذين يفزعون ويهرعون إلى وهمهم كلما تحدث متحدث ليقذفوه بالكفر ويرموه بالإلحاد فأولى للقرآن ثم أولى لهم أن يختفوا من الميدان.

إن قوة عقيدة المشركين وسعة أفق المستشرقين يضطراننا إلى أن نتناول المسالة كما يجب أن يتناولها العلماء.

لنستعرض سويا هذه الآيات ولننظر فسنرى:

في سورة الأنعام يذهب المشركون إلى النبي يستمعون إلى القرآن لكنهم بعد الاستماع يجادلونه ويقولون له ما هذا إلا أساطير الأولين. ونعتقد انهم لم يقولوا هذا القول في مواجهته وأمام سمعه وبصره إلا وهم يعتقدون أن ما يقولونه الحق وما يرونه الصواب. ومعنى ذلك أن الشبهة عندهم قوية جارفة.

وفي سورة الأنفال يذهبون ويستمعون وبعد هذا وذاك يقولون قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين ولا يكتفون في هذا الموطن بهذا القول وإنما يذهبون إلى ابعد من هذا في التحدي ويقولون. اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا

<<  <  ج:
ص:  >  >>