بالإنسان أن يأكل ويشرب ويلبس ويسكن، وأن لا يترك في مصر رجل واحد، يعيش كما تعيش السائمة، يأكل قريباً من طعامها، وينام مثل منامها، في الطرقات، والحقول، وعلى الأرصفة، وفي الأكواخ؛ وأناس يطعمون كلابهم الشكولاته، وينفقون أموالهم في المراقص، ويذيبون ذهبهم في الكؤوس.
فماذا يصنع العلماء والكتاب؟
وثالثهما: السؤال. . . إذا كان يجوز لمثلى السؤال، عن الحكومة ما لها تقر هذه الحال، أولا، في كثير من قوانينها وأنظمتها، فتجعل المدارس الأولية متفاوتة الدرجات، ولا تسوق ابن المغني وابن الفقير بعصا واحدة، وتحشرهم في مدرسة واحدة، كما تفعل وزارة معارفنا في الشام؛ وما لها تعنى بالمشروعات الضخمة الكمالية، قبل إتمام الضروري، كأن القصد تنويع الحلوى للأغنياء، قبل تقديم الخبر للفقراء؟!
وما لها لا تضع، ثانياً، القوانين التي تؤدي إلى إبطال هذا التفاوت، وإلى رفع المنخفض وخفض المرتفع، حتى تقترب الدرجتان، وتتدانى الكفتان، فتعمل بالإسلام في أخذ الزكاة من الأغنياء، وردها على الفقراء، وحينئذ تأخذ هذه الـ (أربعين ألف جنيه) قسراً بلا رجاء ولا شكر، أو تعمل عمل الأمم الغربية، فتكثر الضرائب على الدخل وعلى المواريث وتشرف على المعامل والشركات والمصارف، ويكون لها الرأي في كل ما يمس المصلحة العامة - وهذه (اشتراكية) ليست من مبادئ الإسلام، ولكنه لا يمنعها إن دعت إليه ضرورة، والضرورات لها أحكام، وتعريف الضرورة وأحكامها، مبيّن في كتب الفقه ليس هذا موضع بيانه.
ورابعها: سؤال عقلاء مصر وقادتها، ألا تخافون أن تأتيكم هذه الحال بالشيوعية؟ ألا ترون بوادرها؟ ألا تعرفون أخطارها؟ ألا تقدرون أضرارها؟ فلماذا تلبثون نائمين ولهيب النار يقترب من منازلكم، فلا يلبث أن يشعلها عليكم، فيجعلكم فيها كالمحبوس في الجحيم؟
إن الناس لا يقبلون على الشيوعية عن معرفة بها، ولا عن حب لها، ولكن دعاتها رأوا ما هم فيه، وعلموا أنهم يتمنون أن يجدوا الخلاص منه ولو على يد الشيطان فأوهموم أن الشيوعية هي سبيل الخلاص، وأنها طريق السعادة وأنهم إن كانوا دعاتها ملكوا بها قصور الأغنياء، وحقولهم وسيارتهم، فلذلك تعصبوا لها ولا يدرون ماذا فيها، فهم منها كما قال عبد