كما تشاء، ولسنا نحن الذين نقول هذا، بل هذا ما تقوله فئات من الأحرار الأمريكيين أنفسهم، ولكن هؤلاء الأحرار لا حول لهم ولا طول، لأن كل شيء هناك في قبضة اليهود، ولأن رئيس الولايات المتحدة، أياً كان هذا الرئيس، لا يكاد يصل إلى كرسي الرئاسة إذا خذلته اليهود وأعرضت عنه في الانتخابات، فهو بالاضطرار يدور حيثما داروا به حتى يصير رئيساً للولايات المتحدة، فإذا صار رئيساً، فهو في قبضة اليهود أيضاً طمعاً وخوفاً واضطراراً. وتظن أمريكا، أو يظن ساستها، أنهم إذا ناصروا إنشاء الوطن اليهودي، أو الدولة اليهودية، فهم بذلك سوف يخلصون من قبضة هذا الوحش اليهودي، وأنهم يومئذ قادرون على أن يطردوه من بلادهم ويقولوا له: هذه بالدك فاذهب إليها. وهذا تسويل من شياطين اليهود، وباطل من أباطيلهم يدنون به في آذان هؤلاء الساسة، فاليهود يريدون أن ينشئوا الدولة اليهودية، لا ليسكنوها ويتركوا البلاد التي أكرمتهم واستضافتهم وخالطتهم بأنفسها، كلا بل يريدون بهذه الدولة أن يسيطروا على قلب العالم، وهو الشرق الأوسط، وأن يحتفظوا بسيطرتهم في سائر بلاد الله كما هي، ليكون لهم السلطان في الأرض، والغلبة على الأمم جميعاً مسلمها ونصرانيها، فكلاهما عدو لها، وهي تحمل لهم جميعاً عداوة لا تفتر ولا تموت. والذين يستنكرون أن يكون هذا هدف اليهود، لم يقرءوا شيئاً من كلام الصهيونيين، ولم يعرفوا أن هؤلاء اليهود يطمعون طمعاً لا يشكون فيه، وهو أن الخلافة في الأرض ستكون لهم، وأن هذا الشعب المختار، هو الذي أختاره الله لسيادة الدنيا واستعباد البشر غير اليهود! فأمريكا مخدوعة هي وساستها، إذا ظنت إنها بمناصرتها لهؤلاء السفاحين اليهود، سوف تكسب شيئاً إلا ذل الحيرة والاضطراب.
وأما روسيا الغامضة، فسلطان اليهود فيها ليس أقل منه في أمريكا، وهم الذين يسولون للروس أنه إذا أنشئت في فلسطين دولة يهودية، وإذا ناصرها الروس حتىتكون، فمعنى ذلك أن روسيا سوف تجد منفذاً لها إلى قلب العالم، أي إلى الشرق الأوسط، وأن اليهود لن يخذلوا المذهب الشيوعي، بل سيفسحون لدعاته المكان، ويجعلون فلسطين مأوى لهم وملاذاً وكهفاً، وأن تعاون الروس واليهود سوف يخلص روسيا من سلطان بريطانيا وأمريكا في هذه الرقعة من الأرض، وأن اليهود في حاجة إلى معونة إحدى الدول الكبرى، فإلا تعنهم روسيا وهي أقرب إليهم من أمريكا وبريطانيا، فباضطرار ما يبسطون أيديهم إلى أمريكا