وبريطانيا ويعاهدونها على الخير والشر في التسلط على هذا الشرق الأوسط. وروسيا دولة تصرفها فكرة غالبة كفكرة اليهود هي الاستيلاء على أغنى بقاع الأرض، لتستطيع أن تنشر مذهبها، وأن تتوسل بهذا المذهب إلى هدم الكيان الاجتماعي في الأمم، فإذا تم لها ذلك استطاعت أن تحكم هذه الأمم وتصرفها على ما يشاء لها هواها. فهي يومئذ صاحبة السلطان الأعلى، وهي القوة المدمرة، وهي الظافرة في الميدان الاجتماعي والسياسي، وهي يومئذ قد أمنت أن تخشى لبريطانيات العظمى والولايات المتحدة بأساً أو قوة.
هذا تفسير هذه المشكلة المعقدة التي تريدنا بريطانيا، وتريدنا أمريكا، وتريدنا روسيا، على أن نكون فيها كالشاة المذبوحة لا تألم السلخ. فتباً لهم جميعاً، والله المستعان.
بقى شيء آخر لا يخطئه أحد إذا فكر فيه، وأن هذه الدول جميعاً تعلم علم اليقين أنها ترتكب جريمة من أبشع الجرائم في تأريخ الإنسانية، جريمة لم ترتكب مثلها أمة من الأمم المتوحشة فضلاً عن الأمم الجاهلة، فضلاً عن الأمم المثقفة التي تدعي أنها حارسة الحضارة الإنسانية والقائمة عليها - تلك هي إقحام شعب على شعب آخر، ليجليه عن بلاده، وليستذله، وليستعبده. إن هذه الدول جميعاً تعلم أن هؤلاء اليهود هم أبشع خلق الله استبداداً إذا حكموا، وهي تعلم أنهم خلق قد خلت نفوسهم من كل معاني الشرف والنبل والمروءة، وأنهم خلق تملأ قلبه العداوة والبغضاء والحقد على البشر جميعاً، وأنهم خلق لا يتورع عن شيء قط يرده عن اقتراف أحط الآثام في سبيل ما يريد - أنها تعلم هذا وأكبر منه وأشنع، ومع ذلك فهي تريد أن تطلق هذه الوحوش الضارية من غابات الجهل والعصبية والحقد، لتعيث في هذا الشرق الأوسط كله بفجورها وبغيها وضراوتها، فتهدم ما تهدم، وترتكب ما ترتكب، باسم الحضارة والمدنية والثقافة. . . فيالها من جريمة! يا لها من جريمة أيتها الأمم الحارسة لتراث الحضارة الإنسانية!!
ثم بقى شيء وراء ذلك كله، ينبغي لكل عربي أن يعلمه، ولا سيما أولئك الذين يتعرضون اليوم لسياسة هذا الشرق العربي، وهذا الشرق الإسلامي كله - هو أن إقدام هذه الدول الثلاث على مناصرة المجرمين الصهيونيين تنطوي على معنى قد استقر في أنفسهم وغلب عليها، وهو احتقارهم للعرب وازدراؤهم لهم ولمدنيتهم ودينهم وحضارتهم واجتماعهم ودولهم وملوكهم، وقديمهم وحديثهم، وأن هذا لبان ارتضعوه منذ كانت الحروب الصليبية،