للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذين لا يهمهم أمر اللغة في شيء. .

والسبب في ذلك أن حكومتنا نظرت إلى المجمع كأنه هيئة تشريفية، لا هيئة عاملة، فأخذت تلصق به من تريد تشريفهم وخدمتهم لا خدمة اللغة بهم، فما أشبه المجمع في حاله الراهنة بهيئة كبار العلماء، فليس لأيهما أي أثر في الحياة العلمية.

والعجيب أن الحكومة تعمد في كثير من الأحيان إلى اختيار أعضاء في المجمع من بين الرجال الذين لهم من مشاغلهم الخاصة وأعمالهم في الدولة ما لا يسمح لهم بالتفكير في اللغة ولا في معاجمها ولا في مجمعها!!

أيها الناس، لقد مرت خمسة عشر عاماً، فقولوا لنا ماذا كسبت اللغة من هذا المجمع، وماذا كانت تخسر لو لم يكن هذا المجمع. .

غيرة!!

كتب أحد الكتاب مقالاً في إحدى الصحف يقول فيه: (إن من المؤسف حقاً أن يلاحظ الإنسان أن الصلة قد انقطعت أو كادت بين القراء المصريين والأدب الفرنسي المعاصر، فبينما كان الجيل السابق من المثقفين المصريين يعرفون الكثير عن أناتول فرانس وأندريه جيد وفرانسوا مورياك وغيرهم من الأدباء الفرنسيين الذين بلغوا أوجهم بين سنة ١٩٠٠ وسنة ١٩٢٥ نجد القارئ المصري المعاصر لا يكاد يعرف إلا القليل جداً عن الظاهرين من الأدباء والمفكرين الفرنسيين اليوم. .)

هذا ما قاله ذلك الكاتب بلغته وبأسلوبه، وهذا هو ما دعاه إلى التأسف والتحسر، ونحن لا ندري: أهي غيرة على الشعب المصري، أم على الأدب الفرنسي؟!

يا سيدي المتأسف: إن شبابنا منصرفون عن أدبهم، عازفون عن تراث آبائهم وأجدادهم، ولا يعنيهم أن يأخذوا منه ما يقوم ألسنتهم ويشعرهم بذاتيتهم وقوميتهم، أفما كان الأولى أن تفزع لهذا بدل أن تفزع لذلك الأدب الفرنسي الغريب. . .

لقد عنينا من قبل بأدب فرنسا، وبحضارة فرنسا، وأخلصنا لها المودة والمحبة، وأشدنا بها يوم كانت، وبكينا عليها يوم ماتت، ومع ذلك فقد خذلتنا وهي لِما نزل ملفوفة في أكفان الموت، وأبت علينا حق الحرية والحياة والكرامة.

أنشدوا أدبكم قبل أن تنشدوا أدب الناس، واحرصوا على أن تكون لكم ذاتية في تفكيركم،

<<  <  ج:
ص:  >  >>