والحماسة والمدح والهجاء والنقد والوصف والشكوى والزهد والاعتذار والإخوانيات والفكاهة والنصيحة والحكمة ونظم في النصيحة والحكمة والنقد قصيدته اللامية المشهورة ذات الأبيات والأمثال السائرة. ونهج في أسلوبه نهج شعراء عصره من الإغراق في البديع وبخاصة التورية والتضمين والاقتباس، مع رصانة وانسجام وقلة تكلف.
ولم يقتصر اهتمامه بالأدب على النثر والشعر، بل نظم في العلوم وله في ذلك (نظم البهجة الوردية) في أكثر من خمسة آلاف بيت، وهي في الفقه. وضرب في الشعر العامي بسهم، ونظم المواليا والدوبيت.
وفوق ما تقدم برع في النحو حتى أصبح فيه حجة، وألف فيه مؤلفات نافعة. وله في التاريخ كتاب (تتمة المختصر) وهو تذبيل على مختصر أبي الفداء. وله في التقويم كتاب (خريدة العجائب).
وقد طوف ابن الوردي في آفاق عدة من الديار الشامية، وربما وفد على مصر. وذلك سعياً وراء الرزق، وطلباً للعلم. فاستفاد من العلم شيئاً كثيراً، وإن كان لم يستفد من الرزق ما يريد.
وقد انعقدت في خلال ذلك أواصر المحبة والمودة بينه وبين كثير من أفذاذ عصره - وقد كان جيله غاصاً بهم - ومنهم أبناء فضل الله العمري وزراء البلاد الشامية وكتاب سرها. وجمال الدين بن نباته الشاعر المصري. وشهاب الدين بن المرحل النحوي المصري. وعلا الدين بن أيبك الأديب الدمشقي. والقاضي بدر الدين بن الخشاب المصري، والقاضي شمس الدين محمد بن النقيب، والقاضي كمال الدين بن الزملكاني، والمجتهد الفقيه ابن تيمية الحرائي. وغيرهم.
وكان ابن الوردي يجادل كلاً من هؤلاء، أو يقارضه الشعر، مجادلة الند للند، ومقارضة الصديق للصديق. وهكذا راسل وساجل. وربما كان من بينهم من هو أرفع منه منزلة وأعز جاهاً وأوسع مالاً، ولكن وشيجة الأدب والعلم كانت أقرب الوشائج بينهم وأسماها.
نحن لا نحاول هنا أن نترجم ترجمة وافية لابن الوردي. بل ولا نحاول أن نتحدث عن شعره حديثاً كاملاً. وكل ما نرمي إله في هذه الموجزة أن نتحدث عن خمول ابن الوردي. فكان لا بد لنا من أن ننوه بمزاياه وبمنزلته بين العلماء والأدباء، ليحق لنا أن نتساءل بعد