للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وثيقاً بسمات الفقيد. واقرأ معي رثاءه في عبد العزيز شاويش فستجد المعنى المطابق والوصف الموافق إذ تراه يقول:

وإذا جرت على الطروس يراعة ... بات الصرير باحتيك صليلا

تلك اليراعة ود أكبر قائد ... أو أنها في كفه ليصولا

تتجاوب الآفاق عن أصدائها ... ويرتلون فصولها ترتيلا

لافرق بين السامعين وقد وعوا ... ما قلته والشاربين شمولا

تغدو أرق من النسيم فان عدا ... خطب غدوت الصارم المصقولا

ليث متى بزأر لامة أحمد ... (ورد الفرات زئير والنيلا)

أما شعره الوصفي فقد بلغ فيه ذروة الإبداع ولا سيما حين يتحدث عن المعارك الدامية بين المسلمين والغاصبين، وقد يكون من المناسب اليوم أن ينظر القارئ إلى قصيدة الأمير في آثار (حطين) فلن يجد فيها بيتا عاديا مع أنها قد تجاوزت المائة والخمسين، وقد استهلها الشاعر يوصف نهر الأردن، مصورا تعاريجه وتدفقه متفنناً فيما يسميه البديعيون بحسن التعليل، ثم خلص إلى بحيرة طبرية فقال فيها ما لم يخطر للمتبني - وقد وصفها قبل ذلك - على بالي.

وانتقل إلى المعركة الحامية في حطين بين المسلمين والصليبين، فتدفق حماسة وخاض حيوية، وقال في حرارة واندفاع:

كأنما قومنا وقد وثبوا ... شم حصون لها القنا جدر

كأنما قومنا وقد وثبوا ... زعازع للحصون تهتصر

ذاق العدا من سلاف طغهمو ... كأسا بغير العنقود تختمر

ضراغم أجفلوا وقد نظروا ... وإنما الليث دون النمر

لم يجبنوا ساعة وإن خذلوا ... وإنما الليث دونه النمر

يوم تلاقي الجمعان وانتصف الميزان ... رهن انحرافه الظفر

عوقب بالآسر موقن بردى ... وجل ملكا مع العمى العور

وفي هذه الطويلة وصف رائع لبطولة صلاح الدين، ولا عجب فقد كان الأمير كلفا بشجاعته ومروءته، وله فيه قصيدة أخرى لا يقولها غير متيم بما ثره، معجب ببطولته،

<<  <  ج:
ص:  >  >>