اليهودية العالمية فستدفعنا إلى ما هو أبعد وأقوى إلى تحطيم الجمود العقلي الذي فرض نفسه علينا. نعم لأجل فلسطين ولكي نكسب حربها ومعاركها سيسترد الشرق استقلاله الفكري وحريته العقلية، وسيخرج من ربقة الاستعمار الذهني وهو بعقل أوربي أكثر قضاء وتعمقاً مما يتوهم الأعداء، نعم سينشئ ويبني وينظم ويقود لينتصر انتصاراً يهز العالمين: أوربا وأمريكا.
فقال للذين يشكون في هذا أن يخرجوا أقلامهم وأوراقهم ويقيدوا ما أقول: لم تعد تبهرنا السياسة التي تصب لنا الأشياء في القالب الذي يرضى الاستعمار وأهله وأذنا به وتقول لنا هذا من عند أنفسكم.
لم تعد تجدي معنا أساليب تحريك الأطماع والغرائز وتقديم أشباه الرجال ودعاة التفكك. لقد شببنا عن هذا الطوق!
ونهمس مرة أخرى في آذانهم فنقول:
إذا كان الاستعمار الأوربي لم يجعل منا بعد مائة وخمسين عاماً رجال عقل وفكر وإرادة، فقد تكلفت الصهيونية بهذا إذ نقلتنا نقلاً من عالم أشباه الإنسان إلى عالم الإنسان، كان ذلك بمحض إرادتنا للتغلب عليها وإقصائها عن أوطاننا.
فإذا ترك الاستعمار بلاد الشرق فوضى وأهلها يحطمون بأيديهم ما بنوه واتهمنا بأنا نسير على غير هدى ونعمل تحت وحي تيارات الساعة، ومصلحة الأحزاب وإيحاء صحافة هدامة، فليطمئن دعاة الاستعمار وأذناب الصهيونية علينا: من هذا أو أكثر بعد اليوم.
ألا فليؤمنوا أن دروس الحقائق الكبرى التي ألقتها علينا الصهيونية في فلسطين تعدل ألف درس مما ألقاه علينا الاستعمار الأوربي. فإذا كنا لم نحطم الأصفاد والأغلال التي وضعتها أوربا يوماً في أيدينا وأعناقنا فأن قضية فلسطين أصبحت جديرة بأن نكسبها، وفي سبيل كسبها حطمنا الأغلال والأصفاد ووثبنا الوثبة التي لا يمكن أن ترد.
أندري ماذا علمتنا فلسطين؟
علمنا الصهيونيون أن العلم قوة ثورية هائلة على الأرض ولهذا ملكتنا عقيدة الاقتدار والانتصار بالعلم.
نعم سيكون العلم في حياتنا سلاحاً قاطعاً فيصلاً لحل مشاكلنا معهم.