وكما نجد هذه الوحدة فيما دعا إليه الرسل قد تناسقت حتى ظهرت في الألفاظ والعبارات التي عبر بها عنها، نجد أقوام هؤلاء الرسل جميعاً يكادون يتفقون في الرد على هؤلاء الرسل ومعارضتهم في دعواهم، وفي مقدمتهم السادة والكبراء:
فالملأ من قوم نوح يقولون:(ما نراك إلا بشراً مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادئ الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين).
ويصل الأمر بهم في التحدي إلى أن يقولون:(يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين).
وعاد يقولون لنبيهم (يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين).
وقوم صالح يقولون له متهكمين:(يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما كان يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟ إنك لأنت الحليم الرشيد).
ويصل بهم الأمر إلى أن يقولوا له: يا شعيب ما نفقة كثيراً مما تقولون وإنا لنراك فينا ضعيفاً ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز).
وهكذا تشابهت قلوبهم، وتوافقوا على رفض الدعوة بأسلوب واحد ومعنى واحد، ولذلك يقول الله عز وجل:(وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون)
ويقول:(كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحراً أو مجنون، أتواصوا به بل هم قوم طاغون).
ومالنا نذهب هذا المذهب والقرآن الكريم يعلن في كثير من الآيات وحدة الدين على نحو قاطع إذ يقول:(شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى: أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه).
ويقول:(إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهرون وسليمان وآتينا داود زبورا، ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما).