قرية لوط بقوله (فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) وقص علينا فيما حكاه عن الجن انهم يقولون: (وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشداً).
بهذا كله يتبين أن (الإسلام) على لسان هؤلاء جميعاً، وفي هذه الاستعمالات كلها، هو الانقياد لله والخضوع له في العقيدة والعبادة والعمل خضوعاً لا يعرف الشرك ولا الواسطة، ولهذا يعتبر الله جميع الأنبياء وجميع الذين أوتوا الكتاب مسلمين بهذا المعنى فيقول عن الأنبياء (يحكم بها النبيون الذين أسلموا) ويقول عن أهل الكتاب (الذين أتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين) ويقول عن الذين كفروا بعيسى وزعموا أن ما جاء به من البينات سحر (ومن اظلم ممن أفترى على الله الكذب وهو يدعي إلى الإسلام).
ولهذا أيضاً يقول القرآن الكريم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم:(إنما أمرت أن أعبد رب البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين).
ويأمر المسلمين أن يقولوا (آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون).
ويأمر بتوجيه الدعوة إلى أهل الكتاب على هذا النحو فيقول (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون).
هذا هو دين الله الذي جاءت به كل الرسل، ونزلت به كل الكتب، وقد كان دين محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتمة هذه الرسالات كلها، وهو الذي أثبتها، ولولاه ما عرف أمر الرسول عن طريق تطمئن إليه القلوب، وهو الذي نقاها مما أضيف إليها، ولولاه ما عرف صحيح من زائف، وهو الذي أتى بالشرعة الصالحة المناسبة لما وصل إليه الإنسان من وقى في العقل والتفكير والمعرفة، ولولاه لظلت البشرية تتخبط في ظلمات الأهواء والشهوات والعصبيات، ولهذا كله تمخض معنى الخضوع لله والانقياد لأمره على ما رسم لعباده في دين محمد صلى الله عليه وسلم فصار لفظ (الإسلام) علماً عليه، وأنبأنا الله أنه هو الذي أرتضاه بقوله في أواخر ما نزل على الرسول، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت