النسوية، غير ذلك. وجهز بمن يهيمن عليه من الأطباء والموظفين والممرضين والصيدلانيين. كما زود بأدوات العلاج والصيدليات. واعدت به أسرة للمرضى، وقسم للعلاج الخارجي وكل ذلك بالمجان. وهيئت به قاعة محاضرات تلقى بها دروس الطب، كما زود بخزانة كتب جليلة القدر.
هذه العوامل جميعها من شانها أن توقظ الهمة وتشحذ العزيمة، وتهيئ السبيل إلى الاشتغال الجدي العلم. وقد انتهز العلماء هذه الفرصة النادرة، وتلك الموارد الشهية التي أتيحت لهم، فنهلوا منها وعلوا. وكان لهم مما أصاب العرب والمسلمين في ثرائهم الفكري، ببغداد وغيرها خير حافز على النهوض بتدوين العلوم تدوينا جديدا، وبالإضافة إليه كلما وجدوا مزيدا، حتى يعوضوا اللغة والدين شيئا مما فقداه في محنهما، وحتى يبرئوا الذمة أمام الله والتاريخ ويبرهنوا إنهم حملوا العبء بلقب ثابت ونفس راضية
وقد كان لهذه الحركة العلمية مظاهر متعددة، أهمها مظهران هما: الحركة التعليمية، والحركة التأليفية.
أما الحركة التعليمية فقد انتعشت انتعاشا محمودا. وكان بالبلاد نوعان من التعليم هما: التعليم العسكري، والتعليم الشعبي.
أما العسكري فقد كان مقصورة على طائفة المماليك، محظورا على أفراد الشعب. وهذه إحدى نقائصه على طائفة المماليك، محظورا على أفراد الشعب. وهذه إحدى نقائصه في نظر المؤرخ الوطني. وكانت طباق القلعة المقر الرسمي لجنود الدولة منذ عصر قلاوون. يجلبون إليها من الأسواق صغار ويقسمون فرقا حسب أجناسهم ويقيم في كل طبقة جنس يشرف عليه عدد من الزمامين (الأغوات) ويقوم هؤلاء الصغار بتمرينات رياضية سهلة مناسبة ويعلمون الكتابة والقراءة ويلقون آيات من الذكر الحكيم. ويعودون الصلات وبعض الفروض الدينية، ويحفظون شيئا من الأدعية وتحبب إليهم الأخلاق الفاضلة والدفاع عن الدين والجهاد في سبيل الله. ثم إذا بلغوا الحلم يعلمون تمرينات رياضية اشد قسوة، ويمرنون على السباحة واستعمال السيف والرمح، وقذف الأطواق وركوب الخيل والمبارزة ورمي النشاب ولعب الكرة. وفي هذه المرحلة تنضج مواهب المملوك وتبرز خصائصه وتبدو مهارته وشجاعته. فإذا عرف فضله وشهد بلاؤه صار في عداد المحاربين ثم قد يدفع