وعادات المجتمع، وان تأثره بها حديثا كان - على أكثره - من ناحية الثقافة بالاطلاع على آداب الأمم في لغاتها والتوفر على دراستها.
قال الأستاذ في بيان التأثر القديم: كان اعتزاز العرب بلغتهم صافا لهم عن تعلم اللغات الأجنبية منذ أيام الجاهلية فلما جاء الإسلام أضاف الاعتزاز بالعقيدة إلى الاعتزاز باللسان، لكنهم خالطوا الأمم في حضارتها وان لك يتكلموا بألسنتها فاثر ذلك في أدبهم وطهر أثره في أوزان القصيدة ومعانية، وفي الإسلام زاد الاتصال فدخل في أغراض الشعر كثير من مظاهر الحضارات التي تجمعت في بلاد الدولة الإسلامية كوصف المهرجانات والمواسم.
ثم قال في بيان التأثر الحديث: أن موقف الأدب العربي من الأمم الأجنبية في العصر الحديث هو على الأغلب موفقه من الأمم الأوربية، وصبغة الثقافة فيه اظهر من الحضارة على وجه التعميم، ولقد كانت اللغتان الفرنسية والإنجليزية اقرب مسالك الثقافة الأوربية إلى البلاد العربية، واتفق أن كان هذا الاتصال في عهد النهضة العلمية أو عهد التحقيق والتمحيص فقرا أدباء العرب كتب القوم وهي تضيف مزايا التعبير العلمي إلى مزايا التعبير الأدبي في أقلام البلغاء، فكان من اثر ذلك دقة الأداء وتخصيص اللفظ بمعناه وكان من أثره اتساع أفق الكتابة والشعر، وبخاصة ما كتب أو نظم في تمثيل الجوانب النفسية وتحليل دواعي الحس والعاطفة.
وألقى الشيخ عبد القادر المغربي كلمة عن (مجامعنا اللغوية وأوضاعها) تحدث فيها عن المحاولات الأولى في إنشاء هذه المجامع فالمجمع الأول أنشئ سنة ١٨٩٢ برياسة السيد توفيق البكري والمجمع الثاني أنشئ سنة ١٩١٧ برياسة الشيخ سليم البشري وكان الأستاذ لطفي السيد (باشا) مقررا له وقد انتج هذان المجمعان نتاجا لم يكد يولد حتى مات لأسباب منها ما يرجع إلى طبيعة الألفاظ التي وضعت ومنها ما يرجع إلى التغافل عن الطرق المؤدية إلى استعمال تلك الألفاظ واستمالة أنظار الجمهور إليها. وعد الأستاذ المغربي من تلك المحاولات، ما كان منه ومن المغفور له احمد تيمور باشا إذا اتفقا على العمل على استعمال ألفاظ فصيحة بدلا من العامية والدخيلة وانتقى تيمور باشا عشرين كلمة من الفصيح ونشرها في المؤيد سنة ١٩٠٨ ونصح الجمهور باستعمالها، ثم كتب الشيخ المغربي تطبيقا عليها مقالا في المؤيد بعنوان (تمرين على الكلمات العشرين).