خير بلاده وخير أمته، وأن يدع فرنسا بشرّ الناظرين، لا يقربها إلا مقاتلا مجاهداّ رافعاً باسم بلاده وحريتها وكرامتها واستقلالها)، كما جاء في آخر كلامي. وقد تحدث الأستاذ العلمي إلى مندوب الأهرام بما يطابق هذا المبدأ، بيد أنى رأيته في اليوم الثاني يوقع على ميثاق لجنة التحرير الذي ينص نصاً صريحاً على أنه لا مفاوضة إلا بعد إعلان الاستقلال. فهذا تناقض بين لا ينقضي منه العجب، كما ينقضي عجب القارئ حين يقرأ كلمته في الرد علىَّ فيراه يقول إني أزعم (أن زعماء تونس والجزائر في القاهرة يرون رأى علال الفاسي في القعود وعدم المفاوضة)، ثم قوله إنه يؤكد لي (أن فكرة لا مفاوضة هذه إنما نشأت منذ قريب لا أجد داعياً لاشتغال قراء الرسالة بها)، ومعنى ذلك أنه يرى أن عدم المفاوضة قعود عن الجهاد، وأن كلمة (لا مفاوضة) كلمة مستحدثة لا عهد لحزب الاستقلال ولا لحزب الشورى والاستقلال بها، ثم يختم مقاله بأن يؤكد لي بأنه (لن يدخل في أية مفاوضات إلا بعد إعلان الاستقلال)!! فهذا تناقض مُرٌّ شديد المرارة.
وأنا لا أكتب هذا لأرد على الأستاذ العلمي، فإن هذا التناقض العجيب المر الشديد المرارة، جعلني أرى أن لا فائدة من الرد، ولكنى آثرت أن أعرض على القراء سيئاً كنت أخشى أن يفوتهم الاطلاع عليه، وهم في حاجة إلى الاطلاع على مثله.
وأما ما جاء في كلامه من ذكر فلان وفلان من رجال المغرب، فلست أنبري، ولا يحق لي أن أنبري، للدفاع عنه، لأني كما قال الأستاذ:(غير متفطن إلى أنى أتحدث عن بلاد لم أرها، وليس لي من أسباب العلم بها وبأهلها إلا القليل أو ما دون القليل)،
بقى شئ واحد يشق على مثلى أن يرضى عنه، وهو إقحام الأستاذ لأسد الريف محمد بن عبد الكريم الخطابي في معرض هذا التناقض المر الشديد المرارة. فهذا البطل الذي نشأنا منذ الصغر ونحن نمجد اسمه، ونسمو بأبصارنا إليه، ونحوطه بقلوبنا وإيماننا، ونجعله المثل الأعلى للعربي الأبي الذي لا يقبل ضيماً ولا يقيم على هوان، هو نفسه الذي علمنا بفعله لا بلسانه أنه (لا مفاوضة إلا بعد الجلاء والاستقلال)، فقد هبّ أسد الريف وانطلق يجاهد بالسيف. وأنى أن يسلم للفرنسيس والأسبان شيئاً إلا سيفه بعد أن تقطعت أسباب الجهاد بالسيف. وأعرض عن كل مهادنة بينه وبين الفرنسيس والأسبان. واحتمل بلاء النفي والتعذيب صابراً راضياً مستعيناً بالله على أعدائه. أفلم يكن مما يرضى الفرنسيس