الطبري ليس من الرواة المتأخرين، فهو قد ولد سنة ٢٢٥ ومات سنة ٣١٠ فهو معاصر (البلاذري) وفي طبقة تلاميذ (ابن سعد) صاحب الطبقات.
٢ - أن سيف بن عمر الذي روى عنه الطبري هذه الخبر هو من كبار المؤرخين القدماء، فهو شيخ شيوخ الطبري والبلاذري وهو في مرتبة شيوخ (ابن سعد)، فقد مات في زمن الرشيد، أي فيما قبل سنة ١٩٠ من الهجرة فلا يقال عنه ولا عن الطبري انهما من (الرواة المتأخرين) كما أراد الدكتور طه أن يوهم قارئه.
٣ - إن ذكر الدكتور (المصادر المهمة) فيه إيهام شديد وإجحاف جارف، فإذا لم يكن كتاب الطبري من (المصادر المهمة) فليت شعري ما هي المصادر المهمة التي يبن أيدينا؟
٤ - إن الدكتور طه يعلم أن كتاب ابن سعد الذي بين أيدينا كتاب ناقص، وانه ملفق من نسخ مختلفة بعضها تام وبعضها ناقص وبعضها مختصر، والدليل على ذلك مما نحن بسبيله انه ترجم لعمر في ٨٤ صفحة ولأبي بكر في ٣٣ صفحة فلما جاء إلى عثمان، والأحداث في خلافته هي ما يعلم الدكتور طه ويعلم الناس، لم يكتب سوى ٢٢ صفحة فما ذكر علي بن أبي طالب والأمر في زمنه افدح لم يكتب عنه سوى ١٦ صفحة. هذه على أن في الكلام على طريق ابن سعد في تراجم الرجال شئ آخر غير كتابة التاريخ فانه لم يذكر في هذا الفصل إلا قيلا جدا مما ينبغي أن يكتب لو انه ألف كتابه في التاريخ العام لا في الترجمة للرجال. وهذا شئ يعلمه الدكتور طه حق العلم ولا ريب.
٥ - انه كان من حجة الدكتور في نفي خبر عبد الله بن سبا اليهودي اللعين أن البلاذري لم يذكره، وهو فيما يرى (أهم المصادر لهذه القصة وأكثرها تفصيلا): ثم عاد فنفى أيضاً خبر الكتاب الذي فيه الأمر بقتل وقد مصر مع أن البلاذري ذكره وأطال واتى فيه بما لم يأت في كتاب غيره. ولا ندري كيف يستقيم أن يجعل عدم ذكره خبراً ما حجة في نفيه ثم ينفي أيضاً خبر أخر قد ذكره ولج فيه؟
وهذه الخمسة أشياء كنت استحي أن احدث الدكتور بها أو أناقشه فيها؛ لأنها من الوضوح والجلاء بحيث لا تخفى على رجل مثله خراج ولاج بصير بالعلم احسن البصر، ولكن بقى شئ واحد احب أيضاً أن يتاح لي يوما ما أن اعرفه، وهو: هل كان في نص البلاذري قديما ذكر عبد الله بن سبا اليهودي ثم سقط أو اسقط من الكتاب؟ وهذا لا يتاح لي إلا إذا