بذلك، فكانوا يجيبون بان الفنان قد يعبر عن شعور غامض في نفسه أو عن تجربة له لم تتفق لمن لا يدرك مرماه.
وإذا كنا لم تقبل - في الشعر - القول المأثور: المعنى في بطن الشاعر، فهل نقبل - في الرسم - أن يقال: الفكرة في بطن الفنان!
يجب أن توضح معالم هذا الفن حتى يتصل الشعور بين المنتج والمتفرج وأي قيمة لعمل فني فيه الصلة بين المشاهد والفنان. .؟
استعمار الأوبرا:
بدأ الموسم الشتوي للتمثيل في الأوبرا، بتمثيل الفرقة المصرية على هذا المسرح نحو شهر، ثم جلت عنه للفرقة الأجنبية التي تتعاقب عليه. عملت فيه أولاً فرقة (البالية) الفرنسية، وتعمل به ألان الفرقة الإيطاليه، وستعقبها فرقة (الكوميدي فرانسيز) وهكذا تشغل هذه الفرق الثلاث مسرحنا الرسمي اكثر الموسم في الوقت الذي تتعطل فيه الفرق المصرية لأنها لا تجد مسرحا تعمل فيه؟
وتلك الفرق الأجنبية بذلت لها حكومتنا المصرية، إلى جانب مسرح الأوبرا، إعانات كبيرة وأنفق مدير الأوبرا في سفره إلى أوربا في الصيف لاختيارها والاتفاق مع متعهديها مبلغا آخر من المال، ويجمع هؤلاء المتعهدون من (شبال التذاكر) أموالا طائلة قد يذهب بعضها من بعض المتعهدين اليهود إلى الصهيونيين في فلسطين.
ولم كل هذا الإغداق وذاك الاحتلال؟ يقولون: لأن دار الأوبرا تقدم بتلك الفرق للجمهور المثقف نماذج من رائع التمثيل الغربي. .
ألم تر في الأيام الماضية القريبة تلك الصور التي نشرتها الصحف والمجلات لفتيات (الباليه) آلائي يرقصن بأجسام شبه عارية؟ وفي الفرق نحو عشرين فتاة من الفرنسيات، أعمارهن بين الثامنة عشرة والرابعة عشرة. . . أهذا هو الفن الرائع الذي تقدمه الدولة الإسلامية للمثقفين فيها وليكون مدرسة يقيد منها الفن في مصر؟!
ثم ما هو الجمهور الذي يستفيد من هذا التمثيل؟ انه يتكون من صنفين: الأول الأجانب، والثاني الأغنياء الذين يتخذون من مشاهدة هذه الحفلات مجالا للأرستقراطية المزهوة. . . ومعرضا لثمين الفراء ونادر الجواهر.