لا تدبير في الكون ولا مصادفة ولا فلتة على الإطلاق يا أستاذ لأن للكون سنة رتبها الله منذ الأزل ولن تجد لسنة الله تبديلا، فالقوانين الطبيعية التي يجري عليها الكون منذ الأزل وإلى الأبد لا تتغير. وإذا كنا في بعض الأحيان لا نعرف بعض القوانين أو لا نرى الظاهرة الفلانية تنطبق على قانون فليس المعنى أن حركات الأكوان غير منطقية على قانون أو هي مصادفات أو تدبيرات أو فلتات.
فما لا نستطيع تعليله فلأننا لا نعرف بالضبط القانون الذي يمشي عليه، ولا بد أن يعلمه علماء المستقبل.
وإذا أطلع الأستاذ على كتاب (كيف يعمل العقل) لجود فلعله يفهم شيئاً على صلة العقل بالمادة، وهناك مؤلفات أخرى تبين لك أن العقل إنما هو وظيفة من وظائف الدماغ، ولهذا يرى بعض علماء العقل أن ينقل البحث في العقل إلى علم الفسيولوجيا هذا موضوع حديث سيوفيه العلم في المستقبل القريب أو البعيد وقد استدركت في مقالتي أن البحث في هذا الموضوع ليس في طوقي.
لا يسع المقام أن أرد على كل نقطة من مقال الأستاذ الكبير وإنما أرده إلى نفس مقالي الذي ناقشني فيه. ففيه كل ما يريد أن يعرفه وفيه الرد على كل ما قاله في مناقشته اللهم إلا صديقه فيثاغورس. فيه (السؤال وفيه الجواب). وهو بعض العلم لمن يريد أن يعلم فلا لزوم للإعادة.
قال الأستاذ العقاد (إن الأستاذ نقولا الحداد لم يرزق بداهة فلسفية كبداهة فيثاغورس (ولا كبداهة صديقه الأستاذ الأكبر) ولم يرزق نظرة علمية إلى ما وراء الظواهر) سبحان الرازق.
ولكنه رزق من العقل ما رزق الناس وهو يكفيه أن يفهم أن القول بأن المادة مؤلفة من العدد والنغم سخافة ليس بعدها سخافة.
ولكن الأستاذ الكبير رزق من البداهة الفلسفية أن فلسفة فيثاغورس هي وحي أزلي أبدي سرمدي، وبها تفسير نظريات العلم الحديث، ومهما تقدم العلم وتجرد من السخافات القديمة تبقى هي الوحي العلمي الفلسفي الذي يهتدي بنوره. فهو إذا شاء الكلام بموضوع طريف