أما الملاحظة الثانية، فلعلها لم تبرح بعد مخيلة القارئين، لأن الصحف ما فتئت تتناول موضوعها من جوانب شتى.
فقد عرف القاصي والداني ما حل بمصر في ٤ فبراير عام ١٩٤٢، وكنا نحسب من عامين أو ثلاثة أن تاريخ تلك الواقعة قد سجل فعلا، ولم يعد هناك مزيد لمستزيد. بيد أ، هـ اتضح أخيراً من محاكمات المتهمين في قضية الجرائم السياسية أن في جعب الساسة كثيراً من البيانات المستورة، وأن الحادث لا يزال حتى الآن غير واضح وضوحاً تاماً.
أولا يحق للمرء أن يسأل: إذا كان هذا الحادث التاريخي الذي حدث من خمسة أعوام أو ستة لا يزال موضعه في التاريخ بين شد وجذب، فكيف يكون الحال إذا بعدت المشقة بين الحادث والمؤرخ، وامتدت المسافة بين الواقعة والمسجلين لها؟
وبعد، فلعل الأستاذين الجليلين العقاد والرافعي بك يتفضلان - مشكورين - بإطلاع القراء على ما يعرفان عن فضل سعد على اللغة العربية - أو إساءته إليها، لأن من حق الجيل الجديد أن يعرف حقيقة أمر تضاربت فيه الآراء.
وديع فلسطين
في أدب المهجر:
أشكر للأستاذ مناور عويس هذه اللفتة الحميدة للتحدث عن أديب المهجر الكبير ميخائيل نعيمه الذي رفع منارة الأدب العربي في الدنيا الجديدة هو وإخوانه الأدباء من مهاجري العرب. والحديث عن ميخائيل نعيمه وإخوانه ممتع لأنه يتصل بالشاعرية التي تمردت على القيود الكلاسيكية القديمة وأنطلقت حرة في الفضاء إلا من المعاني السامية واللمحات الدقيقة ومنذ زمن مضى وأنا أتطلع إلى أدباء المشرق لعلهم يتحدثون عن تلك النهضة المهجرية ويشيدون بمفاخر إخوانهم هناك وينشرون في الجيل الجديد هنا ما كتبه أولئك وما نظموه، فهناك نثر، وهناك شعر ينبضان بالحياة المشرقة الضحوك، ويفيضان بالإبداع الذي يماشي الحياة في موكبها النشيط لأنهما يتدفقان من ينبوع الواقع، وينبعثان من الوعي والوجدان، ففيها فلسفة، وفيها حب وغزل، ودعوة للإنسانية المثالية الشاملة.