بعضها بعضاً إلا ما يقرءون في كتب الأوربيين، فصار المصري إذا رحل إلى العراق وإيران وتحدث عن أخلاق أهليها ومذاهبهم، فإنما يقص عن بلاد مجهولة لم يعرف ماضيها ولا حاضرها، على قرب ما بين الأمم الإسلامية وكثرة ما بينها من أواصر، وسهولة تفهم أحوالها ودرس تاريخها.
وفيما يلي نماذج من الأغلاط التي وقع فيها المؤلف:
من الغلط في بديهيات التاريخ الإسلامي قوله أن الحسن بن علي رضي الله عنه فر من العراق وقتل، وإن الحسين قتلته جنود معاوية، وقوله إن بلاد الفرس فتحها المسلمون في ستين عاماً، وجعله معاوية بن أبي سفيان فر من خالد بن الوليد في قيادة الفتوح أيام عمر، وقوله عن خلافة عثمان بن عفان (ثم جاء عثمان وقتل عاجلاً) كأنه لم يل الخلافة إحدى عشرة سنة، وقوله في أثناء الكلام عن الحجاج:(وكان زياد في البصرة) كأن زياداً والحجاج وليا العراق في وقت واحد، وبين موت زياد وولاية الحجاج زهاء عشرين سنة، وقوله أن خالد بن الوليد صلى في جامع همذان، وقوله إن الفرس رأوا في العباسيين أعداءهم فحاربوهم بالتشيع، وهذه كما يرى القارئ أغلاط كنا نربأ بالأستاذ أن يقع فيها.
ومن التحريفات كتابته مدينة هيرات بالياء. ونصر الدين شاه بدل ناصر الدين بالألف. وجبل الفند، ودمافند. وكرفان سراي بالفاء بدل الواو في الكلمات الثلاث. وقصر جولستان بالواو بعد الجيم. وهذا تحريف النقل من الكتابة الإفرنجية وأشنع من هذا أنه قال عن الإيرانيين اللذين سافروا معه إلى مشهد إنهم كانوا يصيحون بين الحين والحين:(لا هم سل إلى مهمد آلي مهماد) فهل عرف الرحالة المدقق أن هذه الكلمة التي سمعها هي (اللهم صل على محمد وآل محمد) فإن كان قد عرفها فلماذا لم يفسرها بالكتابة الصحيحة، وإن كان لم يعرفها فلماذا لم يسأل عنها؟ وأفضع من هذا كله قوله عن إخواننا شيعة إيران أنهم يفضلون مشهداً على مكة. وكيف يعقل أن أمة مسلمة شديدة الغيرة على دينها تعتقد أن الحج إلى مكة فرض وقاعدة من قواعد الإسلام - كيف يعقل أن هذه الأمة ترى زيارة مشهد أفضل من الحج إلى مكة؟ ربما بالغ عامة الإيرانيين في تعظيم مشهد وغيرها من المزارات الشريفة كما يبالغ عامة المصريين في تعظيم مسجد سيدنا الحسين والسيدة زينب والسيد البدوي وإبراهيم الدسوقي، ولكن عمل العامة لا تفسر به عقائد الأمة. وهذه كتب الشيعة بين أيدينا