للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نتيجة لنجاح البعض الآخر - طالما أن وسائل هذه المنافسة شريفة - لا يدخل فيها غش أو خيانة أو إكراه، ومادامت الظروف مهيأة للمجتمع على قدم المساواة - ومسألة حرية التجارة - وإن تكن بعيدة عن الحرية الشخصية - ينطبق عليها هذا القول فيجب إطلاق منتهى الحرية للتجار في الدعاية والعرض والإعلان وتجويد الأصناف وتحديد الأسعار، حتى لا يتحكم فيها إلا حرية المشترين وتفضيل صالحهم فيسير العرض والطلب على قاعدة الحرية للمنتج والمستهلك، حقاً إن من واجبات الحكومة اتخاذ الاحتياط لمنع الجرائم قبل وقوعها والأهبة لاكتشافها بعد وقوعها، وعلى هذا فليس لها بإزاء منع استخدام المواد السامة في الجرائم إلا أن تحتاط (بالأدلة السلفية) أي إجراءات التوقيع والشهود وما يساعدها على كشف الجريمة إن وجدت، وإزاء التصرف الشخصي السيئ كالسكر والبطالة إلا المراقبة والمعونة على عدم الإضرار بالغير. أما بإزاء التحريض على إتيان أفعال شخصية يعتبر الجهر بها إخلالاً بالآداب كبيع الخمور وفتح بؤر القمار، في أماكن عامة. ابتغاء المنفعة الشخصية فيجوز تدخل الحكومة لحمل هؤلاء على التحجب والخفاء، وحصر هذه في أقل نطاق ممكن، بفرض ضرائب باهضة على المسكرات تقلل من طلابها وتحرمها على غير القادرين، وتحديد عدد الحانات ومراقبة سلوك أصحابها وموعد عملهم والترخيص لهم، وإزاء العقود والاتفاقات التي يبرمها الأفراد لمصلحتهم فيما بينهم القيام على الوفاء بها في النواحي المالية خصوصاً، وفسخها وعدم الاعتراف بها إذا كانت تحمل بيع حرية الفرد - مع مراعاة التزاماته وواجباته قبل هذا الفسخ - كما في عقود الزواج والطلاق - وفيما عدا هذا فليس ما يمنع على الفرد خيار التقايل والنكول.

وفي مقابل هذه الأمور التي يجوز للحكومة أن تمنعها. هناك أمور يجب عليها أن تمنحها. ومنها تسوية المرأة بالرجل وحمايتها من استبداده وما يزعم لنفسه من سلطان، وأن تهيئ لكل وليد من رعاياها حق التربية وقسطاً من التعليم؛ متحملة هي نفقات الفقراء، وإعانة الآباء؛ تاركة للمختصين بالتعليم أن يقوموا عليه حافزة إياهم على منافسة مدارسها الأميرية والقضاء عليها، وأن تجعل امتحاناتها بعد المرحلة الأولى اختيارية في حقائق العلم الثانية، خصوصاً في العلوم العليا كالفلسفة والعقائد (اللاهوت)، وأن تمنح من يؤدي هذا الامتحان بنجاح شهادة يزاول بها مهنته دون أن يعترضه أحد. وبالجملة تهيئة الفرص التي قد يفوت

<<  <  ج:
ص:  >  >>