للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كتابها وجباتها ما هاله من عبث. وشهد من إهمالهم ما راعه من إهمال. فجأر منهم بالشكاية وأنحى عليهم بالزراية فقال يخاطب أحد أولي الأمر:

فلا تدن منهم واحداً منك ساعة ... ولو فاح من برديه مسك وعنبر

وبرد فؤادي بانتقامك منهم ... فقد كاد قلبي منهم يتفطر

منعت بهم حظي شهوراً ولم أصل ... إلى حظهم حتى مضت لي أشهر

فما فيهم - لا بارك الله فيهم - ... أخو قلم إلا يخون ويغدر

وقال فيهم أيضاً:

نقدت طوائف المستخدمينا ... فلم أر فيهم رجلاً أمينا

فقد عاشرتهم ولبثت فيهم ... مع التجريب من عمري سنينا

فكتاب الشمال هم جميعاً ... فلا صحبت شمالهم اليمينا

فكم سرقوا الغلال وما عرفنا ... بهم فكأنهم سرقوا العيونا

ومنها يذكر من ادعى منهم النسك، ويذكر اختلاف الطوائف في مصر وادعاء كل طائفة بحقها فيها:

تنسك معشر منهم وعدوا ... من الزهاد والمتورعينا

وقيل: لهم دعاء مستجاب ... وقد ملئوا من السحت البطونا

تفقهت القضاة فخان كل ... أمانته وسموه الأمينا

وما أخشى على أموال مصر ... سوى من معشر يتأولونا

يقول المسلمون: لنا حقوق ... بها ولنحن أولى الآخذينا

وقال القبط: نحن ملوك مصر ... وإن سواهمو هم غاصبونا

وحللت اليهود بحفظ سبت ... لهم مال الطوائف أجمعينا

ومن طريف نقد البوصيري قصيدته الرائية الفكاهية التي وصف فيها حال أسرته في رمضان وعيد الفطر، وما استحدثاه بين أفرادها من خلف ونزاع هما نتيجة الحرمان. وهو وصف يشعرك بما للفاقة من أثر سيئ في التفرقة بين أفراد الأسرة. ويشعرك بأن أسرة البوصيري هي نموذج للأسرة المصرية المتوسطة، ونموذج لمشاكلها من عهده إلى الآن ومنها يصف أفرادها قال:

<<  <  ج:
ص:  >  >>