وتكلم الأستاذ توفيق دياب فقال إنه يلاحظ أن الحياة الثقافية عندنا تنقصها الروح والتشبع بالفكرة، وأننا نماثل الأمم الكبيرة في ضخامة الأبنية وفخامة المظاهر فقط دون أن يكون لدينا شعور قوي برسالة نؤديها، رسالة حاضرة يؤديها الأستاذ، ورسالة للمستقبل يستعد لها الطالب.
وقال الدكتور إبراهيم ناجي إنه وصل من دراسته النفسية لشبابنا أنهم مصابون بمرضين نفسيين: الأول تصيد الأمور وعدم فهم حقائق الأشياء، فكثيرون منهم يتصدون لقرض الشعر وكتابة القصة مثلاً، دون أن يعرفوا ما هو الشعر، ودون أن يقفوا على دقائق فن القصة. والمرض الثاني هو عدم وجود الأهداف أو تعددها، فإما أن لا يكون لهم هدف، أو يريد الواحد منهم أن يكون كل شئ.
ثم شرعت اللجنة في عملها، فأبلغت المتبارين موضوع الخطابة وهو هذا البيت:
من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت إيلام
ووزعت الدرجات على النواحي الثلاث التي يقدر فيها الخطيب وهي التفكير والأداء والتأثير. ثم تعاقب الأدباء من الشباب وكان الزمن المعين لكل منهم عشر دقائق. وكانوا خمسة عشر شاباً، بينهم فتاة واحدة، هي الآنسة عزيزة توفيق (وأخصها بالتسمية لأن الرجل لم ينل بعد المساواة بالمرأة!) ولا أريد أن أتعرض بالحكم عليها أو على غيرها من المتبارين، فالأمر للمحكمين وحدهم، أو - كما يقول زملاؤنا الصحفيون - بين يدي القضاة. . . ولكن لا أرى بأساً في بعض الملاحظات العامة
١ - المفروض أن الخطيب إنما يخطب جمهوراً في أمر يهمهم أو قضية تشغل بالهم، فيعالج المسألة معالجة خطابية، ليؤثر فيهم ويوجههم إلى ما يريد، وطبعاً لا يكون ذلك حقيقة في المباراة بل يتمثله فيها الخطيب، وهل يقع في الحياة أن جمهوراً يشغل باله موضوع حكمة عامة ويتهيأ لأن يخطبه أحد فيها؟.
٢ - لذلك لاحظت أن أكثر الخطباء اتخذ القضية العربية والقضية المصرية موضوعاً لتطبيق هذه الحكمة وقصر كلامه عليها، على ما في ذلك من بعد عما تصدق عليه وهو الأفراد، أما الأمم فكثير منها يهون ولكن لا يسهل الهوان عليه، لأنه يتحفز ويتحين الفرصة