نزلت للتخفيف من ذلك؟! لا دليل!! وإنما يصرح معاليه بأن هذا الاستنتاج يؤيده فيه قوله تعالى (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن) مع أن هذه الآية لا تؤيد استنتاجه في قليل أو كثير، فقد كان دأب المسلمين سؤال النبي واستفتاؤه في كل شأن من شؤونهم بوصفه صاحب الرسالة والتشريع الجديدين، فسألوه عن الخمر والميسر والمحيض والقتال في الشهر الحراموالمواريث والساعة والروح وعن المولى جل وعلا وغير ذلك من مختلف الشؤون المتعلقة بالتشريع والعقائد والأمور الغيبية، كما سألوه عن النساء أيضاً، فلماذا يختص معاليه السؤال عن النساء بالدلالة على وقوع محنة وجأر بالشكوى واستجابة للتخفيف الخ! أم أن ذلك كان قاعدة مطردة في كل ما سألوا النبي عنه في هذه الموضوعات فوجب القول بحدوثه أيضاً في سؤالهم عن النساء؟!
وهل كان شأن المسلمين في الصدر الأول التململ والجأر بالشكوى هم والنبي من كل ما ورد به الشرع مخالفاً لعاداتهم كقاعدة عامة يمكن طردها في جميع في جميع جزئيات التشريع - ومنها ما يختص بتحريم تعدد الزوجات - بغير ما حاجة إلى دليل خاص؛ أم أنهم كانوا وعلى رأسهم النبي عليه السلام على العكس من ذلك يتقبلون كل ما يرد به الشرع عن رضى وإيمان بأن فيه صلاحهمفي الدنيا والآخرة وتطهيرهم من أوضار الجاهلية وأرجاسها؟ ثم لماذا يجعل معاليه هذه الآية دالة على تململ العرب من التعدد خاصة مع أنه ليس سوى أحد الشؤون المتعلقة بالنساء والواردة هذه الآية وما يليها مباشرة من آيات يبين السياق أنها معها نزلت معها للرد على الاستفتاء في هذه الشؤون؟.
وإذا نحن ضربنا صفحاً عن المطالبة بالدليل على وقوع المحنة والشكوى أفلا يحق لنا أن نطالب بالدليل على أن المقصود بقوله تعالى (فلا تميلوا. الآية) ليس سوى حكم وقتي، مع أن الظاهر هذا النص دال بطريق الإشارة على أن إمكان مراعاة العدل المستطاع مجزئ بصفة عامة في حل التعدد المشروع وليس ثمة ما يصرف النص عما يدل عليه بظاهرة؟ (بيان ذلك أن الحكم بتحريم الميل كل الميل مرتب على وصف الرجال بعدم استطاعة العدل ولو حرصوا، فما ورد في عبارة هذا النص هو من قبيل ترتيب الحكم على الوصف بالفاء، ولفظ (النساء) الوارد في الوصف عام مما يجعل النص مفيداً بظاهرة جريان الحكم في جميع النساء، فلا يمكن قصره على الموجودات في عصمة الرجال وقت نزول الآية إلا