قلت لرفيقي - وقد غمرته نشوة الحب - أمن قوامك الأهيف، ومن شفتيك الورديتين، تمتد رعشة سحرية في الغاب وفي الأشجار، في المياه والأطيار، وفي كياني المعذب بوخز الغرام!
غرام طام كالسيل، مستعر كالنار؟
وعلى هذا النسق المتعاظل يكتب الأدباء المعاصرون كتبهم ورواياتهم ويظنون أنهم يخدعون أمتهم المسكينة التي هوت إلى حضيض الهوان فكانوا هم الجانين عليها كما يقول رومان رولان كبير مفكريها في هذا العصر. وأنا حتى لا أتهم بالتحامل والخروج على الأمة التي أحببتها ووقفت على أدبها وتاريخها كأبنائها الحقيقيين أورد فيما بلى رأي أسطفان زويك الناقد العبقري المشهور في أدباء فرنسا المعاصرين وهو:(إن أدباء فرنسا الذين لمعوا بعد الحرب الكبرى متأثرين بمذهب عار من الخلق السامي الكريم والتصور الذي لا حدود له سيجرون المثل العليا إلى الهاوية. وإني آسف الأسف كله لمصير الشعب الذي سطر في التاريخ البشري أروع الصفحات وأمجدها).
وأورد أيضاً رأي الرئيس مازاريك الذي تمتع في حياته بزعامة الأدب والسياسة وقد أدلى به إلى الوزير لويس بارتو عندما زار تشيكوسلوفاكيا في عام ١٩٣٣ وهو:(إن أبطال قصصكم الجديدة عامة تحركهم الشهوات الوضيعة والحب الجنسي الشره. ويمكنكم أن تتأكدوا أننا قد مللنا، بل قد اجتوينا هذا الضرب المأفون من الروايات العاطلة السقيمة التي لا تطالعنا فيها سوى امرأة سليطة يحبها اثنان أو ثلاثة عدا زوجها (الصنديد) الذي تخدعه بشتى الحيل. وهكذا في دائرة بغير انتهاء. فهل هذا هو الفن الكتابي الرائع الذي اشتهرتم به على مدى العصور؟ ذلك لا يمكن أن يكون بل هو زيغ وكبوة في الأدباء المعاصرين، فإذا لم تقضوا على هذا الداء الوبيل دفعتم غالباً ثمن تهاونكم في المستقبل.
إن تحت قباب قوس النصر ووراءستائر البانتيون عيوناً تحدق. فحذار من تلك النظرات المخيفة، حذار منها!!)
ولقد صدق الرئيس مازاريك رحمه الله في نبوءته وأدى الشعب الفرنسي ثمناً فاحشاً لقاء رضاه عن ذلك الأدب الماجن المخدر. فهل في نكبة فرنسا درس لنا أفراداً وجماعات؟