يبرزان في محيط الأدب العربي واضحي الدلالة، مميزي الأعلام.
ولولا الأثر الذي تركه تمازج العرب بالأمم الأجنبية، وتهافت الأجانب على العراق، وتأثير السياسة العباسية لظهر الأثر، أكثر وضوحا، وأبرز سمات.
ووسم الأدب العراقي بالسخط كما وسم بالثورة، وفقد الرجل العراقي إيمانه الثابت الراسخ بما تسن من نظم، وبما تقوم من حكومات. . . لأن مسرحه المتقلب أفقده الإيمان بالبقاء الدائم في كل ما يرى من الأشياء التي تواضع الناس عليها.
وهذه العوامل مضافاً إليها أثر الإخفاق الدائم في أغلب ما يحاول من أمور، في أعم ما يؤمن به من دساتير وحكومات - خلقت روح الكآبة المرة في نفسه، وأشاعت الألم فيه. . . والإخفاق الدائم يبلغ الفرد إلى الانطواء على نفسهن وإلى الكآبة القاتمة ويضفي روحاً تشاؤمياً خفيفاً على آرائه وعواطفه. . . فهذا لم نشهد في تاريخ العراق الطويل رجلاً نستطيع أن نضمه إلى دعاة التفاؤل، والمؤمنين بسير البشرية إلى الحياة السعيدة، وبلوغها مراتب الاطمئنان والأمان.
وللأسباب ذاتها لم يخلق في العراق فيلسوف يحسب له حسابه، ويشمخ مع الشوامخ من الفلاسفة العالميين.
والأدب الشعبي العراقي يرسم لك النفس العراقية التي صورتها لك تصويراً صادقاً تاماً.
وتلك الخطوط والملامح تعين لك الأدب العراقي وتجسمه تجسيماً واضحاً. . . ولا مناص من وجودها في الأدب العراقي الصادق.
وإذا استطاع العصر الحاضر أن يضع حداً لهذه الملامح والخطوط ويخرج لنا أدباً يميل إلى التحرر من عبودية هذه السمات فالفضل في ذلك لنور الحضارة القائمة على تقارب الأمزجة، وترابط الأمم.
فلم يعد كل قطر مهما بلغ من عزلته وانطوائه على نفسه، وحرصه على البقاء في حدود ذاتيته مستطيعاً أن يقاوم تيار الحياة الجارف القائم على الإخاء والتعاون.
ولكن حذار من أن نفهم من ذلك أن ننسى أنفسنا ونبتر قوميتنا، ونتجنى على تاريخنا ومن الخطأ أن يظن أن القومية والأخذ بأسباب الحضارة الحاضرة طرفاً نقيض. . . ومهما يكن من طغيان التيار الأممي فإن ملامح القومية لا تزول ولن تزول أبد الدهر. . . ونحن