للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إن كان لا بد من رقاد ... فأضلعي هاك عن وساد

ونم على خفقها هدوءاً ... كالطفل في هزة المهاد

وهو ومن عنده يقولون أن قول الحكم أجدر بالصواب فإنه لا يتناسب المحب أن يبعد حبيبه. وينشدون قول صلاح الدين الصفدي - أمتع الله ببقائه - في ذلك رداً على أبن تقي:

ابعدته من بعد ما زحزحته ... ما أنت عند ذوي الغرام بعاشق

إن شئت قل أبعدت عنه أضالعي ... ليكون فعل المستهام الوامق

أو قل فبات على اضطراب جوانحي=كالطفل مضطجعا بمهد خافق

قلت - أي السبكي - (إن أبن تقي وإن ساء لفظاً حيث قال (أبعدته) فقد أحسن معنى، لأنه وصف أضلعه بالخفقان والأضطراب الزائد الذي لا يستطيع الحبيب النوم معه عليها فقدم مصلحته على مصلحته وترك ما يريد لما يريد، وأبعده عما يقلقه، ولو قال (أبعدت عنه أضلعاً تشتاقه) لأحسن لفظاً كما أحسن معنى. وأما الحكم فإنه وصف خفقانه بالهدوء، وهو خفقان يسير يشبه اضطراب سرير الطفل. وهكذا نقص، فوقع النزاع في ذلك. وأرسلوا إلى القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل العمري - رحمه الله - صورة سؤال عن الرجلين (أبن تقي) و (الحكم) أيهما المصيب. فكتب: قول أبن تقي عليه مأخذ لكنه قول المحب الصادق.

يكفيه في صدق المحبة قوله ... كي لا ينام على وساد خافق

ما الحب إلا ما يهد له الحشا ... ويهد أيسره فؤاد العاشق الخ

هذا مثل من أمثلة المجالس الأدبية ومجالس النقد، وفي الطبقات وغيره أشباه له كثيرة.

أما السرقات الأدبية فقد زاد خطرها وتطاير سررها في هذا العصر. ومن شعرائه من سطا على غيره بدعوى التضمين قال مجير الدين بن تميم:

أطالع كل يدوان أراه ... ولم أزجر عن التضمين طيري

أضمن كل بيت فيه معنى ... فشعري نصفه من شعر غيري

واشتهرت سرقات أبن نباته من علاء الدين الوداعي، كما أشتهرت سرقات صلاح الدين من الجمال بن نباتة ولما وقف أبن نباتة على مسروقات ألف في ذلك كتاباً سماه (خبز

<<  <  ج:
ص:  >  >>