مستفيض يبدأ من مكان وينتهي إلى آخر ويمر في الطريق على ألوان شتى من الأفكار. ولكن هذا الحديث مشوق مبعد للملل يهيئ لك أنك تصغي بنفسك إلى إبراهيم الدباغ وتجلس معه مرهفاً السمع مصيخاً الأذن. ولك إن شئت أن تقاطعه وأن ترد عليه، لأن الجريء في إذاعة الرأي، واسع الصدر لقبول كل رأى.
وديع فلسطين
السيد البدوي
تأليف الأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف
من هو (المريد) في اصطلاح المتصوفين؟ هو - إن لم أكن نسيت ذلك الذي يفنى في شيخه ويجعل حياته كلها طاعة وتجردا وعبادة. يأمر الشيخ فيطيع (المريد) وشيخ المريد هو قلبه الخافق، وهو عينه الباصرة، وهو وعيه، وهو إرادته. الدنيا بما حوت هي الشيخ في عين المريد، والطريق إلى الجنة في الآخرة هو الشيخ. . . هذا هو (المريد) وهذا هو شيخه.
فمن هو شيخ (المريد) محمد فهمي عبد اللطيف؟ العلم والأدب والتاريخ، هذه الأقانيم الثلاثة شيخ واحد!! له المجد، وله العلى، وفي سبيل طاعة هذا الشيخ يفنى (المريد) محمد فهمي عبد اللطيف، وإذا قلت: يفنى، فإنني أعنى مدلول هذه الكلمة في غير كناية أو مجاز. . . لأن صاحبنا يفنى حقاً في سبيل شيخه المثلث الرحمات!!
لقيته - أول ما لقيته - في ندوة دار الكاتب المصرية، منذ خمسة عشر عاماً. وكان طالباً يحصل العلم نهاراً، ويعمل في الصحافة ليلاً، لقيته في أولى مدارج شبابه، ناحل الجسم، فلوى العود، مضعضع البنيان، تراه فكأنك ترى شيخاً أوقرت ظهره السنون، ويتحدث الرفاق في ندوة الدار شتى الأحاديث، ويتشعب القول في شئون الحياة وفى أحداث السياسة، وصاحبنا صامت لا يتكلم، ويدور الحديث على كل لسان، وحديث صاحبنا الذهول والاطراق!
فإذا عرج المتحدثون على العلم أو الأدب أو التاريخ، أفاق الذاهل المطرق، الوجه الأسمر العابس، وتهللت أساريره ومضى صاحبنا يفيض بما يشاء الله أن يفيض، فما شئت من علم