المستشار الرابع - انظر تر معارضة تلك الفتن في إيوان روما الكبرى؛ فإنا نحن قد جعلنا آل قيصر يحلمون بحلم قيصر مرة ثانية. من الذي يلتف بأمواج بحر الروم، يعلو تارة مثل الصنوبر، ويزمجر تارة أخرى مثل الرباب؟
المستشار الثالث - أنا لا أسلم في التبصر في العواقب لمن فضح سياسة الإنجليز بمثل هذا الطريق.
المستشار الخامس - (مخاطباً إبليس): يا من بحرارة أنفاسه يقوم أمر العالم! كلما شئت أنت هتكت آية خبية. بفضل حرارتك يتحول (الماء والطين) إلى عالم الحرقة والزمجرة؛ كما بأنه بإرشادك يصبح أبله الجنة بصيراً بالأمور. أن الذي يعرف بين العباد الساذجين باسم (الرب) لا يبزك أبداً في الخبرة بفطرة آدم. أن الذين يشتغلون بالتسبيح والتقديس والطواف لا غير، لا يزالون خجلين ناكسي الرؤوس أمام غيرتك. لئن كان جميع السحرة الإنجليز مطيعين لإرشادك على الرغم من ذلك فإني فقدت الثقة بفراستهم. ذلك اليهودي الفاتن الذي برز فيه مزادك قد أوشك أن يتمزق كل رداء من جراء جنونه. وقد أصبح الزاغ الصحراوي مساوياً لشاهين والصقر. ما أسرع طبيعة الدهر تبدلاً! تلك التي ظنناها قبضة من الغبار قد تبعثرت وحجبت الأملاك، وبلغ الذعر من الفتنة المنتظرة بالغد إلى أن ارتعدت منه الجبال والمروج وضعاف الأنهار. يا مولاي أن العالم الذي يعول على سيادتك فقط، ذلك العالم على وشك الانقلاب إبليس - (يخاطب مستشاريه): أن عالم اللون والرائحة بما فيه من الأرض والشمس والقمر والسماء طبقاً على طبق، إنما هو طوع بناني. وسيشهد الشرق والغرب بعينها ما يعجبهما إذا ما أحميت أنا دم أقوام أوربا. إنما تكفى صرخة واحدة منى لحمل كل إمام من أئمة السياسة وشيوخ الكنيسة على الغلواء. ولو كان أحد من السفهاء يرى أن الثقافة الحاضرة من صنع الزجاج فليجرب بنفسه كسر أدواتها من الكأس والكوب. أن الجيوب التي مزقتها يد الفطرة لا يمكن أبداً أن ترفأ بإبرة المنطق المزدكي. أنى يمكن أن يهولني هؤلاء الشيوعيون المترددون إلى الأزقة قلقي الأحوال موزعي الفكر مختلطي الأصوات؟ ولكن لو كنت أشعر بخطر فهو من جهة تلك الأمة التي ما تزال شرارة الأمل مخبأة تحت رمادها. لا يزال بين هؤلاء القوم عدد قليل من الظالمين الذين يتوضئون بالدموع بالأبكار. كل مطلع على بواطن الأيام يتأكد من أن فتنة الغد هي الإسلام لا