حبيبته:
أنت، أنت في قدسها السا ... مي وفي سحرها الشجي الفريد
أنت فوق الخيال والفن ... وفوق النهى وفوق الحدود
أنت قدسي ومعبدي وصباحي ... وربيعي ونشوتي وخلودي
ثم قال: ولد أبو القاسم سنة ١٩٠٩ في بلدة توروز بتونس، وحفظ القرآن، ثم التحق بالمعهد الزيتوني، ثم بكلية الحقوق وتخرج منها سنة ١٩٢٩ وكانت وفاته سنة ١٩٣٤ في المنفى الذي اختاره لنفسه في مكان يقال له باب حومة العلوج.
وقال أحد الأدباء التونسيين: إن أكبر مؤثر في حياة الشابي، موت حبيبته، غير أننا لا نجد في شعره ما يشير إلى صحة هذه الواقعة. إن حبيبته موجودة في أكثر شعره، أما موتها فلا أثر له.
أما المؤثر الثاني في حياة الشابي وشعره، فهو أنه كان مجددا جريئا صاحب دعوة تقدمية كبيرة في الأدب التونسي، أثارت عليه أدباء البيئة الجامدة المحافظة التي يعيش فيها، فلقي منهم حربا شعواء. حاربوا آراءه في الأدب، وأخيلته في الشعر، كما أنه لقي من ناحية أخرى كثيرا من عنت الفرنسيين المستعمرين لبلاده، لأنه كان في شعره الوطني فولتير العربي، الذي دعا شعبه إلى الثورة من أجل الحرية في كثير من القصائد الصارخة، ومنها قصيدة رائعة مطلعها:
إذا الشعب يوما أراد الحياة ... فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي ... ولابد للقيد أن ينكسر
ولكن الشعب لم يستمع إلى هذه الصرخات المدوية، ولم يثر على القيد، فوقف أبو القاسم يتهكم ويتألم في قصيدة مدوية عنوانها إلى الشعب، ومنها:
أنت يا كاهن الظلام حياة ... تعبد الموت، أنت روح شقي
كانوا بالحياة والنور، لا يصغي ... إلى الكون قلبه الحجري
أنت دنيا يظلها أفق الماضي ... وليل الكآبة الأبدي
والشقي الشقي في الأرض شعب ... يزمه ميت وماضيه حي
وهكذا اجتمعت على أبي القاسم حروب ثلاث، حرب من الأدباء والشعراء الجامدين أو