هذه التدابير تكون وسيلة ثقافية في أيدي حكومتنا التي لا تسمح للجمهور أن يقاد في غير الطريق الذي نرسمه نحن إلى بركات النجاح. هل يوجد واحد منا يجهل أن هذه البركات الخيالية هي السبيل المؤدي رأسا إلى المتخيلات التي تلد علائق الفوضوية بين الناس وبينهم وبين الحكومة؛ لأن الرقى أو قصور الرقى يدخل إلى الحكومة فكرة التحرير، ولكنه يعجز عن إقامة حدود للتحرر، وجميع الذين يدعون أنهم أحرار هم فوضويون ولو بالفكر، وكل واحد منهم يحاول أن يتصيد طيف الحرية، ويقع في فوضى الاحتجاج على تقييد الحرية لا لغرض سوى حب الاحتجاج لا لأجل التحرير.
البند ٧ - تأتى الآن إلى المطبوعات الدورية. فهذه سنفرض عليها وعلى كل مطبوعة ضرائب بوضع طوابع على كل صفحة، ونفرض أيضا ضمانة مالية، والكتب التي تقل عن ٣٠ صفحة تضاعف الضريبة عليها ونعتبرها كراريس؛ أولا لكي يقل عدد الكراريس والمجلات التي هي أردأ المطبوعات السامة. وثانيا لكي يوجب هذا التدبير على الكتاب أن يتوسعوا في الكتابة وتكون كتبهم كثيرة لكي يتجنبوا عبء الضريبة. فيقل قراؤهم، وفي الوقت نفسه نجعل مطبوعاتنا التي تؤثر بها على عقلية الجمهور رخيصة في متناول كل واحد لكي يقرأ بنهم وشوق. لأن الضريبة تقلل الطموح الأدبي وتخور عزيمة الكتاب. وثقل الغرامات يجعل أرباب القلم معتمدين علينا، وإذا قام بعض الكتاب يكتبون ضدنا فلا يجدون من يطبع لهم. وعلى الناشر أو الطابع أن يحصل على إذن للطبع والنشر، وهكذا يتيسر لنا أن نعرف نيات أضدادنا فنصدها ولو بحجج واهية.
البند ٩ - الأدب والصحافة هما أهم القوى الثقافية. ولذلك ستملك حكومتنا أقوى الجرائد والمجلات، وهذه تخمد أنفاس كل نفوذ لكل صحيفة مستقلة تنشر أمورا ضدنا، وبالتالي نملك بتأثير جرائدنا كل تأثير على الرأي العام. وإذا منحنا رخصا لعشر جرائد يجب أن يكون لنا ثلاثون جريدة وعلى هذه النسبة تكون الصحف المستقلة. وهذا التدبير لا يثير شبهة الشعب ضدنا، ولا سيما إذا جعلنا بعض الجرائد التي نصدرها معارضة في الظاهر لنا فتكثر ثقة الشعب بها، وإنما تكون المعارضات في السطحيات. ولذلك تقوى ثقة الشعب بنا نحن أيضاً، وتدفع إلى يدنا الخصوم المعارضين الذين يشتبهون بمقاصدنا، ويقيمون في فخاخنا، ولا ضرر منهم لنل.