أبواب عطف ومحبة. وما أبرز شمسها من غيوم النقد إلا كل ضامر مهزول. ولا أحرز قصبات سبقها من المتأخرين غير الفحول).
وقال أيضا:(وقع الإجماع على أن المتأخرين هم الذين سموا إلى أفق التورية وأطلعوا شموسها. ومازجوا بها أهل الذوق
السليم لما أداروا كئوسها. وقيل إن الضلففاضل هو الذي عصر سلافة التورية لأهل عصره. وتقدم على المتقدمين بما أودع منها في نظمه ونثره. فإنه - رحمه الله تعالى - كشف بعد طول التحجب ستر حجابها. وأنزل الناس بعد تمهيدها بساحاتها ورحابها. وممن شرب من سلافة عصره. وأخذ عنه وانتظم في سلكه بفرائد دره: القاضي ابن سناء الملك، ولم يزل هو ومن عاصره مجتمعين على دور كأسها. ومتمسكين بطيب أنفاسها. إلى أن جاءت بعدهم حلبة صاروا فرسان ميدانها. والواسطة في عقد حماتها. كالسراج الوراق وأبي الحسين الجزار، والنصير الحمامي وناصر الدين حسن ابن النقيب، والحكيم شمس الدين بن دانيال، والقاضي محي الدين بن عبد الظاهر).
وهؤلاء الأدباء الستة ذكرهم ابن حجة هم من شعراء العصر المملوكي وفي نصف القرن الأول منه تقريبا. وفد توالى من بعدهم أدباء. فحول آخرون هم حلبة ابن نباتة ومنهم الصفدي وابن الوردي وابن اللبانة والحلي والاسعردي والعمري والمعمار، وتوالت الحلبات من بعدهم - كما سنبينه أن شاء الله في مقال آخر - وكلهم يسير تحت راية التورية، وعاصرهم في بلاد الشام آخرون. قال الصلاح الصفدي يذكرهم بعضهم:
(وجاء من شعراء الشام جماعة تأخر عصرهم، وتأرز نصرهم ولأن في هذا النوع حصرهم وبعد حصرهم. كل ناظم تود الشعري لو كانت له شعرا. ويتمنى الصبح لو كان طرساً، والفسق مداداً والنثرة نثراً. ماجلا من بنات فكره خوداً إلا شاب لحسنها الوليد. وسيرها في الآفاق وبين يديها من النجوم جوار ومن الشعراء عبيد. كالشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري شيخ شيوخ حماة. والأمير مجير الدين بن تميم. وبد الدين يوسف بن لؤلؤ الذهبي. ومحي الدين قرناص الحموي. وشمس الدين ابن العفيف. وسيف الدين بن المشد).
وقال أيضا: (ولا تقل أيها الواقف على هذا التأليف: لقد أفرطت في التعصب لأهل مصر