الشعر، ورأى في طلوع الشمس قصيدة بارعة عدها من (أبدع) الشعر، ورأى في وحشة المقابر قصيدة باكية عدها من (أفجع) الشعر، اتجه إلى المرأة فنظم الأبيات المتقدمة لأنه يرى في ركب حواء قصيدة ساحرة من (أجمل) الشعر، وإذن فالكلام هنا عن المرأة تقليدي سلفي، حيث لم تكن صاحبة الفكرة التي تقوم عليها القصيدة. ومن الظلم أن نسحب هذا الحكم على جميع ما ترنم به معروف عن المرأة. وليت شعري من ينكر صدق العاطفة في قوله عن فتاة مجهولة.
فتنت الملائك قبل البشر ... وهامت بك الشمس قبل القمر
وسرّ بك السمع قبل البصر ... وغنى بك الشعر قبل الوتر
فأنت بحسنك بنت العبر
يروح شتاء وتصحو السما ... ويأتي الربيع بما نمنما
فيطلع فوق الثرى أنجما ... ويبتسم الزهر بعد الغما
فأنت ابتسامة ذاك الزهر
فطرفك بالفتر كم قد روى ... نشيد الغرام يهد القوى
وما أنت شاعرة في الهوى ... ولكنما الشعر فيك انطوى
فآية حسنك إحدى الكبر
فهذا الشعر لو روى لشاعر ممن اشتهرت صاحبته لعد من قوافيه المختارة، فهل يليق بعد ذلك أن نتساءل عن الملهمة، من هي؟
فإذا لم نجد الإجابة الواضحة، حكمنا على الشاعر بالتقليد والصنعة دون تريث!! الحق أننا سطحيون.
ولا بد لنا أن نتكلم عن اتجاه الرصافي أقاصيصه الاجتماعية فقد جعل المرأة عنصر الأقصوصة الهام، فلا مناص له من أن يصور خوالجها الهامة، ونوازعها الراجفة، مما يتطلب دراسة عميقة لنفسية حواء. ولهذا كان الشاعر فلسفي النظرة دقيق المنحى، وإن خدع قارئه برونق الديباجة وسلاسة التركيب. ولو ذهبنا نستقصي ما روى له في هذا المضمار لا متدبنا حبل البحث، ولكننا نضع أمام القارئ قصيدة (أم ليتيم) كنموذج لطريقة الشاعر، فهو يريد أن يندد بالتحزب الديني، ولتعصب المذهبي، وما يجر ذلك من نقص في