على الفم والإخيال يلوح ثم يختفي؟ وأي قم؟ فم يجوع السؤال في عروقه. . ولا يبوح!
ويحلق الفكر في آفاق من رهبة الفناء، وتهوم الروح في أودية النسيان التي يبلى فيها كل جديد، ولكنها تهويمات لا تخلو من يقظة تومض تحت الرماد، وتلتمس العزاء في خدعة الخلود. . وتكتمل الألوان في الصورة المنتزعة من معرض الحياة. ما الإطار فمن صنع الخيال السابح وراء الوهم، المتشوق إلى ارتياد المجهول، وتمضي التجربة الشعورية إلى منتهاها حين يقول في قصيدته (سؤال):
تقول: حبيبي إذا ما نموت ... ويدرج في الأرض جثماننا
إلى أي شئ يصير هوانا ... أيبلى كما هي أجسادنا؟
أيتلف هذا البريق العجيب ... كما سوف تتلف أعضاؤنا؟
إذا كان للحب هذا المصير ... فقد ضيعت فيه وأوقاتنا!
أحببت ومن قال أنا نموت ... وتنأى عن الأرض أشباحنا؟
سنحيا. . وحين يعود الربيع ... يعود شذانا وأوراقنا
إذا يذكر الورد في مجلس ... مع الورد. . تسرد أخبارنا!
وحين يطول الانتظار، ويعصف القلق بجمال الرؤى والطيوف ويتوثب الشوق الملح إلى القادم الممعن في إبطائه، تكون النفس الإنسانية في ارتقابها ولهفتها قد أنكرت كل شئ، وكفرت بكل شئ. . استمع له يصف لحظة انتظار:
جعت وجاع المنحدر ... ولا أزال أنتظر
أنا هنا وحدي على ... شرق رمادي الستر
مستلقياً على الذرى ... تلهث في رأسي الفكر
وأرقب النوافذ الزرق ... على شوق كفر
هل أحسست الفكر حين يلهث، والشوق حين يكفر؟! وحين يقبل الحبيب الغائب، تقبل معه الدنيا، وتقبل الذكريات تشق طريقها من وراء الزمن. . ويقبل الصبا بجنونه وأحلامه وأوهامه:
قالت صباح الورد. . ... هذا أنت صاحب الصفر
ألا تزال مثلما ... كنت غلاماً ذا خطر؟