هنا وفي كثير من القصائد الأخرى لنزار قباني، تلمس أن اكتمال الوحدة الفنية مرجعه إلى تسلل التجربة الشعورية، وتناسق الظلال المنعكسة من النفس والحياة.
وأود أن ألفت النظر إلى أن هذا الشاعر يصوغ معانيه أحيانا في ألفاظ قد تبدو لأصحاب المدرسة المادية في التعبير وكأنها قد استخدمت في غير مواضعها؛ وهي تبدو لهم كذلك لأنهم يعيشون في رحاب الظلال المادية للألفاظ، ولو عاشوا في رحاب ظلالها النفسية لوجدوا كل شئ في موضعه من الشعر، لأنه في موضعه من الشعور. . . إن الشعر ما هو إلا ترجمة صادقة للشعور الصادق، فلا ضير من أن يستخدم فيه اللفظ الذي تتفق ظلاله وظلال النفس، وتنسق إيحاءاته مع منطق الإحساس! ومهما يكن من أمر فإن لمشكلة الظلال النفسية والمادية في اللفظ قضية شغلت القدماء كما شغلت المحدثين، وهي قضية سنعرض لها في مقال تتناول فيه بالنقد أصحاب المدرسة المادية في التعبير قديما وحديثا أولئك الذين لا ينظرون إلى الألفاظ إلا من خلال هياكلها العظيمة! كل ما آخذه على صاحب (طفولة نهد)، هو تلك القوالب النثرية التي يصب فيها شعره أحيانا، وما يرد في بعض أبياته من ألفاظ ابتذلت من كثرة الاستعمال، مما يعصف بجمال القالب الشعري، ويذهب بأثر الإيقاع الموسيقي. استمع له مثلا في هذين البيتين: