للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تجعلني على الثرى ... لعباً. . وتقطيع شعر

فإن نهضنا كان في ... وجوهنا ألف أثر!

فلت لها الله ما ... أكرمها تلك الذكر!

أيام كنا كالعصافير. . غناء وسمر

نسابق الفراشة البيضاء. . . ثم ننتصر

ونكسر النجوم ذرات. . . ونحصي ما انكسر

فيستحيل حولنا الغروب شلال صور. . .

حكاية نحن. . فعند كل وردة خبر

إن مرة سئلت، قولي: نحن دورنا القمر!

هنا وفي كثير من القصائد الأخرى لنزار قباني، تلمس أن اكتمال الوحدة الفنية مرجعه إلى تسلل التجربة الشعورية، وتناسق الظلال المنعكسة من النفس والحياة.

وأود أن ألفت النظر إلى أن هذا الشاعر يصوغ معانيه أحيانا في ألفاظ قد تبدو لأصحاب المدرسة المادية في التعبير وكأنها قد استخدمت في غير مواضعها؛ وهي تبدو لهم كذلك لأنهم يعيشون في رحاب الظلال المادية للألفاظ، ولو عاشوا في رحاب ظلالها النفسية لوجدوا كل شئ في موضعه من الشعر، لأنه في موضعه من الشعور. . . إن الشعر ما هو إلا ترجمة صادقة للشعور الصادق، فلا ضير من أن يستخدم فيه اللفظ الذي تتفق ظلاله وظلال النفس، وتنسق إيحاءاته مع منطق الإحساس! ومهما يكن من أمر فإن لمشكلة الظلال النفسية والمادية في اللفظ قضية شغلت القدماء كما شغلت المحدثين، وهي قضية سنعرض لها في مقال تتناول فيه بالنقد أصحاب المدرسة المادية في التعبير قديما وحديثا أولئك الذين لا ينظرون إلى الألفاظ إلا من خلال هياكلها العظيمة! كل ما آخذه على صاحب (طفولة نهد)، هو تلك القوالب النثرية التي يصب فيها شعره أحيانا، وما يرد في بعض أبياته من ألفاظ ابتذلت من كثرة الاستعمال، مما يعصف بجمال القالب الشعري، ويذهب بأثر الإيقاع الموسيقي. استمع له مثلا في هذين البيتين:

ما دمت لي سر المساء معي ... وهذه الأقمار أقماري

وأنجم المساء لي مئزر ... وفوق جفن الشرق مشواري

<<  <  ج:
ص:  >  >>