يقول النقاد الذين لا يعجبهم أدب تيمور إنه شعبي ينزل إلى مستوى الجمهور لا في غباراته وأساليبه فحسب، بل في ألفاظه.
ونحن نرى أن هذه السهولة السهلة هي التي يتميز بها قلم تيمور، والتي تجعل له طابعاً خاصاً يميزه عن غيره،
ولم تمتع السهولة أن يكون صاحبها أديباً، بل نحن في حاجة إلى هذا اللون الذي يبعد بنا عن الأدب التقليدي، وعن ترسل الجاحظ، وسجع ابن العميد؛ ذلك لأننا في عصر يجعل جمال الموضوع في صدقه وقوة تعبيره، ولا حاجة بنا إلى التزويق والتأنق والتكلف مما يصرف الكاتب والقارئ معا عن لذة الفكر الخالص.
وهذا الأستاذ أحمد أمين لا يتكلف بل يكتب أنه يتحدث فيعرض ألوان الفكر الإسلامي منذ فجر الإسلام وضحاه، فأفاد واستفاد منه الناس في غير عناء. وهذا المازني لا يغرب ولا يتأنق بل تحس كأنه يخاطب العامة، ومع ذلك فهو أديب لم يطعن في أدبه طاعن، ولم يقل قائل إن أسلوبه غير بليغ. أليست البلاغة كما قال ابن المقفع (هي التي إذا سمعها الجاهل ظن أنه يحس مثلها فإذا حاول عجز). . .
محمود تيمور إذن من هذا الطراز الذي يجري قلمه بما يجيش في صدره، وما تختلج به نفسه، وما تراه عينه، فتقرأ له كأنك تستمع إليه.
وأكبر الظن أنه يصطنع بعض الألفاظ العامية المستملحة التي لا نجد لها نظيراً في الفصحى، لأنه يريد ذلك، أو يريد أن يدخل هذه الألفاظ في قاموس اللغة العربية حتى تندرج فيها. وهذا مذهب لا بأس به.
وهو كذلك يستعمل بعض الألفاظ الجديدة التي استحدثت، ولعله بتسجيلها يدفع إليها مع الزمن الحياة. أنظر إليه وقد نزل في باريس وذهب إلى مقهى (كافيه دلابيه) المشهور إذ يقول (لنتناول قدحاً من تلك القهوة الممزوجة باللبن، مفخرة هذا المشرب البعيد الصيت. . . ولنحظ بجلسة نستعيد فيها ذكريات الماضي المحبب، وننقل النظر في الغادين والرائحين من أهل باريس، نتملى بما يبدونه من أناقة ورشاقة وظرف، وهم يتزاحمون على طوار الطريق. . .)
وفي هذه العبارة التي ننقلها لفظتان جديدتان، المشرب وهو يعني المقهى، والطوار أي