الزمان، وضعف السلطان، واستيلاء ذوي العيث والفساد، على تلك البلاد، وجهل أهلها، فلم تعاور بالنسخ؛ فضاع أصلها، ولم يكثر فرعها.
قال أحمد بن ثابت: ومن الكتب التي تكثر منافعها، إن كانت على قدر ما ترجمها به واصفها، مصنفات أبي حاتم محمد بن حبان البستي، ومنها كتاب الصحابة وكتاب التابعين وكتاب أتباع التابعين، والفصل بين النقلة، وعلل أوهام أصحاب التواريخ، وعلل حديث الزهري، وعلل حديث مالك، وعلل مناقب أبي حنيفة ومثالبه، وعلل ما استند إليه أبو حنفية، وغرائب الأخبار، وما أغرب الكوفيون عن البصريين، وما اغرب البصريون عن الكوفيين، وكتاب أسامي من يعرف بالكنى وكنى من يعرف بالأسامي، والفصل والوصل، ومناقب مالك، ومناقب الشافعي، ووصف العلوم وأنواعها، والهداية إلى علم السنن، ومحجة المبتدئين، والعالم والمتعلم، والوداع والفراق، والتوكل والتقاسيم، والأنواع، وكتاب الثقات، وكتاب الجرح والتعديل، وكتاب شعب الإيمان، وكتاب صفة الصلاة، ومراعاة الإخوان؛ إلى عشرات غيرها من الأجزاء في الشريعة والحديث والفقه خاصة.
ولم يطبع من جميع هذه الكتب المحررة سوى كتابه:(روضة العقلاء) قسمه إلى زهاء خمسين مطلباً أبتدأ كل مطلب بحديث يتعلق به، وأتبعه بما قصد بيانه، ووشاه بشواهد كثيرة من الشعر وغيره ببيان باهر ساحر، يستفيد منه الكبير والصغير، ويتأدب به الأمير والأجير، ويغني غناءه في تهذيب الرجال والنساء وينقل المؤلف الكلام المنظوم والمنثور بالرواية على أصول المحدثين، ومنظومة كله جدير بالاستظهار والاستشهاد لما ضمنه من عظات ونكات، يتكلم من عنده كلاماً يدل على العقل الواسع، ولطف الأداء، وقد يورد في أكثر الفصول قصصاً تروق العامة والخاصة، ويخاطب العقل وما يجدر بصاحبه عمله. وقد نسق تأليفه تنسيقاً عجيباً لم يخلَّ به من أوله إلى آخره؛ فجاءت مطالبه متساوية الحجم والفائدة، آخذة من الحسن ولإحسان بأوفر نصيب.
ومما قاله: لا يكون المرء بالمصيب في الأشياء حتى تكون له خبرة بالتجارب. والعاقل يكون حسن المأخذ في صغره، صحيح الاعتبار في صباه، حسن العفة عند إدراكه، رضي الشمائل في شبابه، ذا الرأي والحزم في كهولته؛ يضع نفسه دون غايته برتوة (خطوة) ثم يجعل لنفسه غاية يقف عندها، لأن من جاوز الغاية في كل شيء صار إلى النقص، ولا