بادئين بفلسطين؟ إن الشرق الأوسط كله الآن يعج بهذه القوى الخفية والوكلاء السريين، كما تعج بهم موانئ دول البلقان، وكلهم متلهف للعمل، تواق للفتك والمغامرة من أجل فلسطين والصهيونية، وروسيا راعيتها الأولى. . . فعلينا أن نذكر هذا ونفكر في عواقبه!!
مجموعة من الأخطار:
إن كل عليم بأصول الحضارة والتاريخ والعقلية اليهودية لابدّ أن يفطن إلى فكرة على جانب من الأهمية وهي (أن الروح التجارية صفة بارزة في الشخصية اليهودية أينما حلت ومهما بلغت من علم وثقافة، وهي المعيار الوحيد في نشاطهم الدنيوي والأخروي سواء أكان ذلك في شراء بيضة، أو إنجاز صفقة، أو أداء صلاة، أو الحصول على فلسطين) ولا يصد اليهودي عن نيل ما يبتغيه إلا أن يرى أن إهدار دمائه هو الثمن لما يرجو الحصول عليه؛ وعندئذ يردع خاسئاً مدحورا، ولكن ليعاود ذلك بوقاحة وتكرار، وبكل ما أوتيه من غدر واحتيال، لا يردعه عن ذلك رادع إنساني أو مثل أعلى. . . وكم يجدر بقادتنا أن يفهموا هذه الميزة البارزة في عقلية الصهاينة ونشاطهم في هذا الكون. . .
بالأمس طالبوا بوطن روحي في فلسطين، ثم ببضعة أفدنة يزرعونها، ثم ببيوت ومدن يبنونها، ثم بالحصون والقلاع يرفعون سمنها، ثم بالدولة يضعون أسسها. . ثم ماذا؟ مطالب أثر مطالب. إذا ما أفلحوا فيها - لا سمح الله - فسيطالبون باللقمة في فم العربي يسلبونها ومعها يسلبون دعامة الحياة والبقاء.
بالأمس عُلق البريطانيون على أعواد المشانق وبالأمس اغتيل قادتهم في القاهرة وروما وبريطانيا نفسها، بقنابل بريدية، ونسف البنايات ودك المعاقل. . . إلى آخر ما هنالك من وسائل لن تقف عند حد في وحشيتها كل ذلك لأن الصهيونية تخيلت أن هذا البريطاني أو ذلك كفر بمطالب الصهيونية، أو لأنه احتج على أمر نبا عنه ذوقه، أو لأنه أعرب عن رأي لم يوافق إنجيل الصهيونية ومطامحها الخطيرةـ فكان جزاؤه سفك الدم! ثم نما الخنجر الصهيوني فإذا به ذو حدين مرهفين، أخذ ثانيهما يفتك بالعدو الأصيل - العرب، فمن قرى تدمر، وأطفال ونساء حوامل تبقر بطونها، وتنهش لحومها، وذلك على مرأى من العالم المتمدين وعلى مرأى من الجيوش العربية. . .!! فأمام هذا البلاء وأما هذا الكابوس الذي فرضه الأرهاب الصهيوني على أعدائه السياسيين وعلى الرأي العام العالمي، من