فضلهم وأنه ليس له من سلطانهم إلا ذلك. ونادى: برئت الذمة من عبد لم يرجع إلى مواليه عندئذ تذامرت السبائية والأعراب وصاروا يشاغبون على عليّ. ولما أراد عليّ إخراج الأعراب وإرجاعهم إلى مياههم أبت السبائية ذلك وأطاعهم الأعراب.
فالظاهر من هذه الروايات أن حالة من الفوضى قد عمت الأمصار بعد مقتل الخليفة (عمر بن الخطاب) الذي كان قد سيطر على الأمور سيطرة تامة. وأن الذين كان في قلوبهم مرض وزيغ انتهزوا فرصة مقتل الخليفة وارتباك الأمر واستبداد الولاة بالرأي دون سائر الرؤساء، فأثاروها فتنة وفوضى أدت إلى حدوث ذلك الوضع الشاذ، فأفلتت الأمور من أصحابها وخرج العبيد والمستضعفون على قريش، وانتهز الأعراب هذه الفرصة وقد كانت أخلاقهم وطباعهم مكبوتة في أيام (عمر) واتفقوا مع المهبجين الذين دعاهم الطبري بالسبائية والذين شاركوا حتى في المشاغبة على (علي) عندما رأوا منه أنه كان يريد استتباب الأمن والقضاء على الفتن وإعادة سلطة قريش كما رأيت.
ولا ندري لم دعاهم الطبري (سبائية)؟ ألأنهم أتباع (عبد الله ابن سبأ؟) ولكن أين كان هذا الرجل في هذا الوقت؟ ولم لم يشترك مع المصريين أو غيرهم عندما ذهبوا إلى المدينة وقد نسبت أكثر المصادر سبب الفتنة إلى أشخاص آخرين؟ أم لأن جمهرتهم كانت من أهل اليمن، وقد كانت العادة أن يقال لهم (سبإبين) أو (حميرين) كما كانت في مصر جالية كبيرة منهم قبل الإسلام وبعده فقيل لهم لذلك (سبائية) ولا علاقة لهذه السبائية بسبائية عبد الله بي سبأ؛ وأن هذه (السبائية هي التي دعت الإخباريين لسبب ستراه إلى خلق أسطورة (عبد الله ابن سبأ) هذا الذي جعلنا الرواة نكتب عنه هذه المقالات. فاختلقوا شخصاّ يهودياّ مسلماً أبوه من سبأ وأمه سوداء من الأحباش أو غير ذلك كما رأيت.
ولا شك عندي في أن هذه العناصر، سبائية سميتها أم كانت مسخرة ومحرضة، حرضها أناس كانوا يسعون منذ عهد الرسول إلى خلق الفتن وتفريق العرب إلى شيع وأقسام، وأنها حاولت الكيد لمن كان يعرف فيه الحزم والعزم، وأن مقتل الخليفة (عمر) لم يكن بتلك الصورة البسيطة الساذجة التي رسمها الأخباريون، بل كان خطة منظمة مدبرة يعرف بها جماعة. وأن نفراً كان لهم اتصال وثيق بذلك الرجل الذي صنع تلك الآلة للفتك بالخليفة.
يكفيك أن تقرأ خبر (كعب الأحبار) مع (عمر بن الخطاب) لتعرف منه أن (كعباً) هذا كان