دار ابن أخته محمود توفيق بك، فكان يتردد عليها للإفادة. ويحدثنا تيمور باشا بطرف من أخبار هذه الندوة في الترجمة التي كتبها لصديقه محمد أفندي أكمل فيقول:(وكان أول التقائي بالمترجم في دار ابن أختي محمود توفيق بك، وهي إذ ذاك مجمع الأدباء ومحط رجال الفضلاء، فلما رأيته استغربت شكله واستملحت محاضرته، ثم رأيته يناقش الأدباء ويطارحهم الشعر، فدنوت منه وكنت صغيراً في أول الطلب، وقد تعذر على فهم باب أفعل التفضيل، وأجهدت نفسي في درسين متواليين على تفهمه، فلم يفتح عليَّ بشيء فيه، فسألته عنه فأوضحه لي بعبارة سهلت على فهمه، فكان بعد ذلك كثيراً ما يقول لي ممازحاً: إذا ذكرت شيوخك فاذكرني معهم ولا تنسني. . .)
وهناك شيخان جليلان تتلمذ عليهما أحمد تيمور، وكان لهما أبعد الأثر في توجيه وفي ثقافته، وكان رحمه الله يذكرهما دائماً بالإجلال والتبجيل، أولهما العلامة اللغوي الشيخ محمد محمود الشنقيطي، وثانيهما العلامة المنطقي الشيخ حسن الطويل.
أما الشنقيطي فقد كان تيمور باشا يقصد إليه في داره، ويجلس أمامه لتلقي الدرس، وكان الوقت يطول به وهو متربع على الأرض، فكان حينما يشعر بألم ويريد أن يبدل رجلا بأخرى يقول الشنقيطي له: لا تتألم يا أحمد، فقد كنا نقطع بالراحلة شهوراً وراء البحث والاستقصاء عن مسألة علمية. ويحكي تيمور باشا عن نفسه فيقول: وأشار عليَّ مرة أستاذنا العلامة الشنقيطي أن أطالع آمالي أبي علي القالي مطالعة إمعان وتدبر، ولم تكن طبعت بعد، فاستنسخت منها كراريس عكفت على مطالعتها، واحتجبت عن الناس بضعة أيام، حتى استوفيت ما بهذه الكراريس. . .
وأما الشيخ حسن الطويل فيظهر أنه كان أشد خلطة وأعلق بنفس أحمد تيمور، وهو يعتبره أستاذه الذي قومه وثقفه وأخذ بيده إلى الطريق المستقيم، وقد كتب تيمور باشا ترجمة مطولة لهذا الأستاذ الفاضل أورد فيها سبب اجتماعه به وتحدث عن مدى انتفاعه بعمله وفضله فقال: (أما سبب اجتماعي به وقراءتي عليه فإني كنت خرجت من المدارس بعد تلقي ما يلقى بها من العلوم المعروفة وأنا في سن العشرين، وقد علق بالعقيدة شيء من آثار التربية بهذه المدارس، إلا أني كنت مولعاً من الصغر بالإسلام ومحاسنه والمطالعة في السيرة النبوية، ومناقب الأصحاب والخلفاء الراشدين، فكان ينشرح صدري لأشياء