٥٩ - ففي السنة التي أتم فيها الملك الظاهر إنشاء الجسر والقناطر القائمة بقرب شبرا، قرر فتح حصن الأكراد الذي استعصى على غيره من الملوك والأمراء.
٦٠ - وإليك برنامج السفر: غادر القاهرة في ١٨ جمادي الآخرة، وصل دمشق الخميس ١٨ رجب، وفي المدة السابقة لوصوله أي بين ١٨ جمادي و ١٨ رجب أشغل العدو إذ ابتدأت الحملات الخاطفة ضد قلاع الصليبيين في:
جبلة. وسقطت حصون اللاذقية. صافيتا. المرقب. المجدل. القليعات. طرطوس:
٦١ - في يوم ١٩ رجب الموافق ٣ مارس سنة ١٢٦٧ تجمعت قوات الملك الظاهر أمام حصن الأكراد.
ونلاحظ في هذه الأعمال اختفاء الهدف الرئيسي حتى اللحظة الأخيرة.
٦٢ - جاء إليه ابنه الملك السعيد والأمير بيليك الخازندار وبمجرد وصولهما بدأت أعمال الحصار: إذ أخذت الجنود في نصب المجانيق وعمل الستائر لحماية الرماة.
٦٣ - اقتحمت الأسوار الثلاثة على التوالي عنوة ما عدا البرج الأخير الذي استحكم فيه فرسان الاسبتار حتى آخر مراحل الحصار.
٦٤ - في ٧ شعبان سقطت الباشورة الثانية التي تؤدي إلى الحصن الداخلي، ودخلت العساكر البلد بالسيف وأسروا من فيه الجبلية والمزارعين ثم أطلقوهم.
٦٥ - وفي يوم الاثنين الثالث والعشرين من شعبان طلبت الحامية الأمان فأمنهم الظاهر وتسلم البرج الأخير فدخله وكتبت البشائر وترتب أرباب الوظائف بالحصن من جهة المملكة المصرية أي النواب والقضاة وبقى بيد مصر حتى دخول السلطان سليم ديار الشام، فزال ملك مصر عنها كما زال عن غيرها من البلاد.
٦٦ - هذا هو حصن الأكراد الذي توجهنا لزيارته ومررنا بأقسامه، ووقفنا أمام أبراجه، وفيها أبراج بناها المنصور قلاوون، ولا تزال الأسماء والآيات القرآنية كما كانت.
٦٧ - ودخلنا أماكن الخيول، وقد كشفت عنها البعثة الفرنسية فرأينا ما أدهشنا: أثر حوافر الخيل ومواضع ربطها والحديد الذي كانت تشكل به. لقد كان الردم يغطي كل هذا، ولما أخرجته يد الإنسان من تحت التراب إذا به كما كان يوم تركه أصحابه منذ مئات السنين.
٦٨ - وكان للحصن آبار ومجار للمياه حينما كشف عنها وجدت أواني من النحاس من