كتاب إميل لدوج الذي عرف باستيعابه كل شيء، وأهم منه كتاب صديقه وزميله في المحاماة هرندن الذي كان أعلم الناس به، وهو الذي اعتمد عليه لدوج وغيره، وهؤلاء جميعاً لم يذكروا عن أسلافه إلا قليل وما لهم في ذلك حيلة. . .
افتتح هرندن الفصل الأول من كتابه بقوله:(لم يكن لدى مستر لنكولن عادة ما يقوله إذا تحدث عن نفسه وعن آبائه وتاريخ أسرته قبل مجيئهم إلى إنديانا أكثر من تلك الحقيقة، وهي أنه ولد في الثاني عشر من فبراير سنة ١٨٠٩ في ناحية هاردن بكفطكي؛ وكان إذا تحدث عن هذا الموضوع، وقليلا ما تحدث، يفعل ذلك في كثير من التردد والتحفظ)؛ وأورد هرندن بعد ذلك بقليل قول لنكولن لأحد أصدقائه فيما بعد، وكان يسعى لكتابة تاريخ حياته:(لماذا تعني نفسك يا صاحبي سكربس؟ إنه لمن أكبر الحمق أن تحاول أن تجد شيئاً ذا بال في شخصي وفي حياتي الأولى. إنك لتستطيع أن تحصرها في جملة، وتجد هذه الجملة في مرثية جراي وهي (سيرة الفقراء القصيرة البسيطة)
وأنا أرجو من أستاذنا العقاد، وهو أطول مني باعاً وأكثر اطلاعاً، أن يرشدني إلى ما أقف منه على أسلاف لنكولن؛ وإني لشديد الحرص على إرشاده، ذلك أن الأستاذ الجليل قد عقب على ذلك الذي أخذه عليَّ مما يتصل بأولئك الأسلاف بقوله:(ولا تتم العبرة من تاريخ لنكولن إذا لم تكن نشأته وارتقاؤه إلى رئاسة الجمهورية، وحقائق مصرعه موضع اهتمام خاص يفوق كل اهتمام بغيرها من الموضوعات)؛ ولقد تشعر هذه العبارة من لم يقرأ كتابي بأني لم أهتم بنشأته وارتقائه إلى رياسة الجمهورية، والواقع أن نشأته وارتقاءه إلى رياسة الجمهورية استغرق من هذا الكتاب الذي يقع في خمسين وثلاثمائة صفحة كبيرة نحو ثلثيه، فقد تحدثت حديثاً طويلا عن حياته وهو صبي في الغابة، ثم وصفت أخلاقه شاباً يعمل في حانوت، وقد خرج من الغابة، ويعمل في البريد، وفي تخطيط الأرض، ثم انتقلت الى اشتغاله بالمحاماة، والى تدخله في السياسة، واختياره عضواً في الكونجرس، وما زلت أتتبع في تفصيل ارتقاءه في المحاماة والسياسة، واهتمامه بمسألة الرق، وردوده على خصومه، وما كان من الأحوال السياسية المحيطة به ليفهم سيرته حق الفهم من لا يلم بتاريخ الولايات المتحدة، حتى بلغت ترشيحه للرياسة، فبينت في إسهاب كيف رشح، ومن نافسه، وما قيمة منافسيه، ثم شرحت المعركة الانتخابية في استيعاب لا أذكر له نظيراً في