لأنهم أهملوا واجباتهم، أو لأنهم استعملوا الخديعة مع خصومهم؛ وليس هذا بمستغرب من قاض لم يتأخر عن القول (أن الخطة التي جرت الحكومة عليها في هذه الدعوى لا توجب ارتياح القضاء لأعمال مندوبها فيها)
(لا توجب ارتياح القضاء! وليس هذا بالقليل حين يصدر من القضاء!
وليس هذا بالقليل حين يصدر على الحكومة! إنه اتهام! فإدانة! فعقاب!!)
٦ - الفقه الشرعي:
درس سعد في الأزهر، فتفقه في الدين، ثم درس الحقوق وتقلد منصب القضاء، وأخذ يحكم بين الناس بموجب القوانين المدنية الحديثة، ولكنه (لم يهمل الإفادة من دراسته الفقهية الأزهرية؛ بيد أنه لم يتعمد التعالم بها وإقحامها في غير مقحم، وإنما كان يضعها موضعها حين يكون العرض لها والأخذ منها أمراً لازماً أو شبه لازم) لقد أصدر مرة حكماً يقول فيه (إن المعول عليه في الشريعة الغراء. . . هو الموافق للعدل، إذ لا يجوز لمدين أن يتبرع بمال تعلقت به حقوق الغير)
لقد كتب سعد هذا الحكم وهو بلا شك (مغتبط بما وجد عند الشريعة الإسلامية من رأى معول عليه، اغتباط القاضي العادل حين يجد النص (الموافق للعدل) وإذا علم القارئ أن صاحبي سعد في حكمه هذا كانا أجنبيين لا يجد أية صعوبة في (تمييز الولد العظيم لهذا الأثر العظيم)
٧ - القاضي المحافظ:
تكلم الأستاذ الزيات في كتابه كثيراً عن (ثورة المصلح وغيرة العادل، وتحرره من الأوضاع وتمرده على شكليات القانون والبحث عن الحق أنى ثقفه، وتوفير العدل من كل طريق) ولكنه أسرع في فصله السابع إلى الكلام عن سعد المحافظ حتى لا (ترسم للرجل في الأذهان المتسرعة المشغوفة بالأحكام المطلقة صورة ذات أود لا تصدق التعبير عنه أو لا تستوفيه) ونقل لنا أحكاماً من قراءتها نجد سعداً ليس بالمحافظ الجامد ولا بالمجدد المائع، بل هو القاضي المفكر الذي (يستقصي الحقيقة) وينطق بالحكم الذي يرضى وجدانه، وليس في أحكامه (ما يند عن مزاج محافظ، وليس فيها أيضاً ما يتعارض مع مزاج مجدد).