من قوة في الطبيعة أعظم ولا أكثر أهمية - حسب الترتيب البيولوجي للأشياء - من الدوافع الجنسي.
يقول العالم النفساني المعروف كوريات (إن الفكر اللاشعورية موجودة وفعَّالة في الفرد العادي كما هي في المريض بالأعصاب. والفكر اللاشعورية أو الآراء غالباً ما تظل هكذا، لأن قوة يطلق عليها المقاومة تمنعها من أن تصير شعورية. وعمل الكبت كثيراً ما يلتقي بالفشل وعدم التوفيق، لأن الدافع المكبوت الرغبات والعقد النفسية تواصل البقاء في اللاشعور ومن ثم تبعث إلى الشعور بديلا متنكراً في هيئة أعراض عصبية). حينما ينقضي النهار وما فيه من مؤثرات، يدخل الفرد في دولة النوم، فتتسلل الرغبات اللاشعورية لتمثل دورها في هيئة حلم. ولكن هنا، كما في حالة اليقظة، يكون الرقيب مُتنبهاً يقظاً، وبالتالي تسدل على المشهد ستار الرمزية لتخفي طبيعة الرغبات الواقعية التي تعلن عن نفسها.
وفي هذا الصدد كتب أحد تلامذة فرويد التقدير الآتي:(إن الرقيب هو الذي يجبر الأحلام على اتخاذ لغة الرمزية الغامضة لكي يكفل إمكان ترتيب رواية المادة الجنسية في الأحلام. فإذا أقنع الشخص نفسه بفائدة الرمزية العظيمة في ترتيب رواية المادة الجنسية في الأحلام، لابد أن يصطدم بالسؤال عما إذا كان كثير من هذه الرموز تبدو كأنها حروف اختزال بمعنى ثابت لكل الحالات. ويجب أن نلاحظ بهذه المناسبة أن هذه الرمزية لا تتعلق بالأحلام فحسب، ولكنها تتعلق أيضاً بفكر لا شعورية لأناس، وإنها لكائنة في (الحوادث) والأساطير وفي الأمثال السائرة وفي الحكم المأثورة وفي النكات كوجودها في الأحلام. ومن بين هذه الرموز المستعملة أشياء كثيرة تعني بانتظام الشيء ذاته؛ وفوق هذا، وفي الغالب، فإن الفهم العام والنشاط الجم إنما يعتمد على عقلية هذه المخلوقات)
ولكل جيل دستوره الخاص بمعاملته وعاداته، وفكره، وآدابه، وقِيَمه، الخ. . وهذه كلها تلقي قيودها على الفرد وعلى رغباته. وإذن فكل جيل بنوع ما، يمكن أن يقال إن له مرتبته اللاشعورية. والجماعة لا تنفك تغير البيئة على الدوام لأن الفرد يضطرها أن تختار وترتب لنفسها المقاييس التي لا يمكن عملها دائماً له ليعيش لها. والفرد إذ يحاط بسور من القمع الذي تسببه الجماعة، لا يسمح له بالتحدث في هذا البحث الحيوي بالطريقة الصريحة