كان ولا يزال للمسجد الأقصى ولمسجد الخليل إبراهيم المقام الأسمى في نفوس المسلمين. ولذلك اعتنى بهما ملوك مصر من عهد الملك الناصر صلاح الدين والدنيا يوسف بن أيوب الذي أتم الله فتح القدس على يديه؛ فإنه اتخذ سنة عمل الخير والعمارة، واتبع سننه من جاء بعده من ملوك بني أيوب.
وفي عهد الدولة التركية من الأمراء البحرية بعد أن اتسعت الفتوحات وتوالت الانتصارات تردد أسم الملك الظاهر بيرس كأعظم القواد العالميين وشبه باسكندر الزمان، وكان أكبر البناة والمنشئين أفرد له الأستاذ كريسويل العالم المشهور كتابا عن آثار بمصر. أما في فلسطين فقد ذكر صاحب الأنس الجليل - قاضي القضاة أبو اليمن مجير الدين الحنبلي رحمه الله - أنه اعتنى بعمارة المسجد الأقصى وجدد فصوص الصخرة الشريفة التي على الرخام، وعمر الخان الكائن بظاهر القدس الشريف من جهة الغرب إلى الشمال المعروف بخان الظاهر، ونقل إليه باب قصر الخلفاء الفاطميين، ووقف عليه نصف قرية لفتا وغيرها من القرى.
ولقد كانت أكثر قرى دمشق وأراضي البقاع داخلة في أوقاف الظاهر الذي لم يترك بابا لفعل الخير إلا طرقه وحبس الضياع على ائمة المسجد الأقصى، وعلى تفرقة الخبر وإصلاح حال النازلين والآتين للزيارة من مختلف الجهات.
وفي أيام الملك المنصور قلاوون تمت عمارة سقف المسجد الأقصى من جهة القبلة مما يلي الغرب، وتم إنشاء الرباط المنصوري المشهور بباب الناظر، وهو رباط كان في منتهى الحسن والبناء المحكم، هذا غير الإصلاحات التي اتمها المنصور بالحرم الخليلي وغير الرباط والبيمارستان اللذين أنشأهما هناك.
أما ابنه الملك الأشرف المدفون على مقربة من مقام السيدة نفيسة فقد كان من أعظم الملوك حتى إنه على بديه أتم الله فتح البلاد الساحلية وإنهاء الحروب الصليبية، وفي عهده تم عمل فصوص الصخرة الشريفة التي بدأت منذ أيام الملك الظاهر، وجدد عمارة السور الشرقي المطل على مقبرة باب الرحمة.
وفي أيام الملك المنصور لاجين جددت عمارة محراب داود الذي بالسور القبلي عند مهد