للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مؤلفات العصور الماضية:

ذكر صاحب مسالك الأبصار، أن الصاحب تاج الدين أبو الفضائل أحمد بن أمين الملك، ألف كتابا سماه (سلسلة المسجد في صفة الصخرة والمسجد).

ولا أدري هل أبقى الدهر على هذا المؤلف أم ذهب مع الزمن. والذي يظهر مما أورده صاحب مسالك الأبصار نقلا عنه أن المؤلف لم يترك شاردة من غير أن يأتي بها. وإني لدهش من موقفنا إزاء ماضينا؛ فهذا يكتب عن المسجد الأقصى في حوالي سنة ٧٤٣هـ، وهذا يقصر عنه الكثيرون، وتعيش نحن في القرن العشرين وقد ملأ أنصاف الرجال الدنيا بدعايتهم عن أنفسهم، ولا نجد بين أيدينا كتابا يعرفنا بالمسجد الأقصى. فلنسر معه قليلا: نجد في كلامه عن قبة الملك المعظم (وبقصد بها جزءا من المدرسة المعظمية) أنه يقرر أن دروس النحو كانت تقام بها، وأن عدد طلبتها كان خمسة وعشرين نفراً من الحنفية؛ وهي من عمل ملوك بني أيوب العظام. وفي كلامه وصف دقيق للرباط المنصوري والأبواب والشبابيك التي بالحرم. ثم انظر إليه حيث يقول:

(لقد مضى على في مجاورة هذا الحرم الشريف الفصول والأربعة، فرأيت له في كل فصل محاسن في غيره لم تجمع، وهو أنه من مبدأ فصل الربيع تبدو فيه من الأزاهر المختلفة الألوان ما يستوقف بحسنه الذكي الأروع، وكل أحد ممن له معرفة بالأعشاب يأتى إليه ويأخذ من تلك الأزاهر ما علم منفعته ومضرته).

ومن حديثه يتبين أن هذا الحرم الشريف والقبة والصخرة، لم تعدم اهتمام أهل الخير من مختلف الناس، فهذا الأمير علم الدين سنجر الجاولي ينشئ مدرسة باسمه، وهذا عالم من العلماء أو تاجر عظيم يتبرع من ماله، وينشئ بئراً أو سبيلا أو باباً، أو يهدي مصحفا أو قنديلا.

ومن قبيل ذلك ما أورده صاحب الأنس الجليل: من أن سلاطين بني عثمان وغيرهم من ملوك المسلمين، شاركوا سلاطين مصر قبل الفتح العثماني في الاهتمام بالمسجد الأقصى: فقد حصل السلطان مراد بن محمد بن بايزيد على ترخيص ملوك مصر بإقامة قراء يقرأون والقرآن في مصحف مهدي منه إلى الصخرة.

وكان بنو قرمان من ملوك التركمان بأرض الروم فحصل فهم السلطان إبراهيم على إذن

<<  <  ج:
ص:  >  >>